صحيفة البعثمحليات

بإمكانات وطاقات ذاتية وخبرات وكفاءات وطنية . . الإنشاءات العسكرية تتصدى لعشرات المشاريع الحيوية والاستراتيجية القائمة والقادمة

 

حلب ــ معن الغادري
رغم محدودية الخيارات وانعدامها في معظم الأحيان، نجحت مؤسساتنا بمختلف اختصاصاتها بالاعتماد على الموارد والطاقات الذاتية، وعلى الخبرات والكفاءات الوطنية في إحداث فوارق مهمة يمكن البناء عليها راهناً ومستقبلاً لدفع عجلة النهوض والإنتاج، ورفع مؤشرات ونسب الإنجاز في مجمل المشاريع الجاري تنفيذها ضمن الخطط الموضوعة والمنظورة لإعادة الإعمار وإزالة آثار الحرب الإرهابية المدمرة.
ومع تعاظم التحديات التي واجهت مختلف القطاعات الاقتصادية والخدمية والإنشائية، يمكن القول إن بعض الشركات والمؤسسات الإنشائية الوطنية نجحت إلى حد بعيد في كسر كل القيود التي واجهتها، وشكلت خلال سنوات الحرب وبعد تطهير حلب من الإرهاب حالة استثنائية في طبيعة عملها وإنتاجيتها، فكانت حاملاً ورافعاً أساسياً لمشروع إعادة الإعمار. وهنا نشير إلى التجربة الناجحة والرائدة لمؤسسات الإنشاءات العسكرية في حلب التي لم تلتفت إلى حجم ما خسرته جراء الإرهاب، فتجاوزت كل الصعوبات ووظفت كل إمكاناتها وطاقاتها وإمكاناتها المتاحة والذاتية في خدمة المشروع النهضوي والتنموي، وبمعايير ومقاييس عالية الجودة؛ ما أسهم في خلق بيئة منتجة خدمياً واقتصادياً، وهو بالتأكيد خلاصة جهد كبير لم يتوقف طيلة فترة الحرب؛ ما ينفي قطعاً نظرية “ليس بالإمكان أفضل مما كان”.
لقد أثبت فرع المؤسسة بحلب جدارة وقدرة غير مسبوقة في التصدي لمشاريع مهمة بمستوى تنفيذ ممتاز وجودة عالية؛ ورغم التخريب والتدمير المنهجي، واستهداف الآليات وتقديم سبعة عشر شهيداً من مهندسين وفنيين وعمال أثناء تنفيذه مهامه، إلا أنه استمر في دوره الوطني في بناء ما تم تخريبه وإنشاء مشاريع متميزة.
ويشير العميد إياد حاج طه مدير فرع مؤسسة الإنشاءات العسكرية أن العمل لم يتوقف طيلة فترة الحرب الإرهابية بدعم من الإدارة العامة التي وفرت كل ما هو مطلوب لضمان استمرارية العمل، ومن أهم المشاريع التي تم تنفيذها مشروع أعمال حفريات وتمديد كوابل بصرية لمشروع ربط محافظة حلب مع السلمية: “مسار السلمية – أثريا”، و”مسار أثريا – خناصر – الحمدانية” (مد الكبل الضوئي من مدينة السلمية إلى مدينة حلب، مروراً ببلدة السعن وأثريا فخناصر إلى الواحة السكنية، مروراً بتل شغيب عبر الراموسة إلى مقسم الحمدانية بحلب، ثم إلى مركز المدينة بساحة سعد الله الجابري، وتوصيل تفريعة من تل شغيب إلى مطار حلب المدني)، وهو من المشاريع الاستراتيجية والنوعية التي تم تنفيذها خلال فترة الأزمة، وقد تم اختيار ذلك المسار كون جميع المسارات الأخرى كانت تحت سيطرة المجموعات الإرهابية المسلحة، علماً أن حلب كانت مرتبطة وفق مسارين للكبل الضوئي: الأول يمر عبر محافظة إدلب، والثاني عبر منطقة إعزاز شمال محافظة حلب.
وبين العميد حاج طه أن العصابات الإرهابية قامت مطلع العام 2015، بشن هجوم إرهابي على محافظة إدلب؛ ما أدى إلى انقطاع خدمة الانترنت عن محافظة حلب وما حولها بسبب سيطرة المسلحين على مسارهما وقطعهما، فقام فرع المؤسسة بحلب بتنفيذ أعمال حفريات وتمديد الكبل الضوئي لربط حلب مع حماة عبر منطقة السلمية، وقد تعرضت الورشات التي قامت بتنفيذ هذه الأعمال لهجمات عدة من قبل المجموعات المسلحة في وادي العذيب والشيخ هلال ومراغة حيث تم التنفيذ بمؤازرة وحدات من الجيش العربي السوري لتتمكن الورشات من تنفيذ الأعمال.

طريـق حــلب ــ خنـاصـر
كما عملت مؤسسة تنفيذ الإنشاءات على تنفيذ وفتح طريق بديل للمدينة، حيث باشرت – بالتنسيق مع مجلس مدينة حلب – أعمال تأهيل وتعبيد طريق الراموسة البديل، ثم تابعت العمل والتنسيق مع مديرية الخدمات الفنية بحلب، وبالسرعة القصوى، لتنفيذ طريق حلب – خناصر كونه الطريق الوحيد والشريان الرئيسي والحيوي الذي يربط محافظة حلب بباقي المحافظات؛ وذلك لعدم وجود طريق بديل، وقد تم العمل في المرحلة الثانية على المحور الممتد من طريق حلب – السفيرة، مركز البحوث العلمية، مروراً بقرى حريبل وتل شغيب وتوركان وأبو صفيطة وتل عرن، وبطول 30 كم، ثم تابع فرع المؤسسة العمل بالمرحلة الثالثة على المحور الممتد من طريق السفيرة – خناصر – أثريا، ابتداء من مفرق دريهم حتى قرية الحمام ولمسار بطول 33 كم، ومن ثم تم العمل بالمرحلة الرابعة على المحور الممتد من طريق حلب – السفيرة – خناصر- أثريا حتى 78 البداية من قرية حريبل، وتم الاستمرار بالمرحلة الخامسة من الكم 00+6 من بعد مركز التنمية حتى الكم 00+14 بدءاً من نهاية خناصر، وتم متابعة تنفيذ الأعمال في المرحلة السادسة من الكم 00+14 بعد مركز تنمية البادية إلى الكم 00+18، ومتابعة العمل في المرحلة التاسعة وهي أعمال صناعية وإصلاحات زفتية لطريق تل مراغة – أثريا. ونتيجة قطع الطريق من قبل العصابات الإرهابية التي حولت الطريق إلى ساحة للإرهاب والقذائف، إضافة إلى مرور الآليات المجنزرة والثقيلة، حدث تخريب وتشققات في الطريق المنفذ، وقامت المؤسسة بإصلاحه عدة مرات.

خط الكهرباء 230 ك. ف
ويشير مدير فرع الإنشاءات إلى أن مشروع تنفيذ الأعمال المدنية والكهربائية لخط 230 ك. ف. أ حماة 2/ ضاحية الأسد (القسم الأول – القسم الثاني) يهدف لنقل الطاقة وإيصال التغذية الكهربائية إلى مدينة حلب نتيجة تخريب الخطوط المغذية للمدينة من قبل المجموعات المسلحة أثناء محاصرة المدينة.
وبعد قيام الجيش العربي السوري بتأمين الشريان الوحيد للمدينة عبر بلدة أثريا وخناصر، تم العمل على تنفيذ ومد الخط البديل استطاعة 230 ك. ف. أ من مدينة حماة، مروراً ببلدة أثريا وخناصر، ومدينة السفيرة، وصولاً إلى مركز تحويل حلب F، وبالتالي تغذية المدينة بالتيار الكهربائي. وقد تعرضت ورشات المؤسسة أثناء تنفيذ هذه الأعمال للإصابات؛ وذلك بسبب الألغام والعبوات الناسفة التي كانت العصابات الإرهابية تقوم بزرعها ليلاً على جانبي الطريق في مناطق وادي العذيب والشيخ هلال ومراغة.

شبكة الريف الشرقي
وأشار العميد حاج طه إلى أن فرع المؤسسة قام بتنفيذ مشروع إعادة تأهيل المراكز الهاتفية في الريف الشرقي لمدينة حلب، وتأمين التغذية الهاتفية لريف الرقة الغربي من محور دبسي عفنان، حيث تم تأمين التغذية الهاتفية عبر خط كبل ضوئي من مركز المدينة مروراً بالمراكز الهاتفية التي تم إعادة تأهيلها، وهي مركز هاتف كويرس ومركز دير حافر ومركز بلدة رسم الحرمل – الإمام، ومركز بلدة “أبو جبار”، ومن مركز دير حافر إلى مركز هاتف مسكنة، فمركز هاتف بلدة الخفسة ومن مركز مسكنة ثم ربطها بمركز دبسي عفنان الواقعة على الحدود الإدارية لمحافظة الرقة.
وقد تم تأمين الاتصالات إلى مواقع هامة وحيوية عبر أربع وحدات نفاذ ضوئية O.N.A: مركز محطات ضخ المياه على بحيرة الأسد في موقع البابيري ومركز بلدة المعمورة ومركز بلدة حطين ومركز بلدة حميمة كبيرة، وتم العمل على تغذية جميع المراكز ووحدات النفاذ الضوئية بالطاقة الشمسية التي تؤمن القدرة الكهربائية لتشغيل تجهيزاتها.

إنارة عامة
كما قام فرع المؤسسة بعد تحرير حلب من الإرهاب، بالعمل على إنارة معظم المستديرات في المدينة بالطاقة الشمسية البديلة كحل إسعافي، وقد تم العمل في عدة مواقع، منها مستديرة الجامعة ومستديرة الصاخور ومستديرة الفيض ومستديرة ابن رشد.
وعندما بدأت الكهرباء تعود إلى المدينة بشكل تدريجي، عملت المؤسسة، بالتعاون مع الشركة العامة للكهرباء، على صيانة وإنارة الشوارع، وتركيب أجهزة ليدات جديدة لترشيد الكهرباء، وتم العمل في المدينة القديمة على تجهيز وإعادة تأهيل البنى التحتية لإنارة الشوارع في عدة مواقع، منها طلعة البنك، من مستديرة مقسومة حتى مستديرة باب الحديد، إضافة إلى شارع متحف حلب الوطني. كما قامت المؤسسة بأعمال الإنارة بالطاقة الشمسية في منطقة الليرمون الصناعية؛ ما يسهم في عودة الصناعيين وإقلاع عجلة الصناعة في المدينة الصناعية، وإنارة اوتستراد مطار حلب الدولي بالطاقة الشمسية لإعادة تأهيله وإقلاعه من جديد، وإنارة الأحياء الشرقية من المدينة بالطاقة البديلة بعد أن تم تحريرها، ومنها النيرب والهلك، إضافة إلى تشغيل عدة إشارات مرورية على الطاقة الشمسية لتنسيق عمل السير وتجنب الحوادث. كما قامت المؤسسة بإعادة تأهيل وصيانة المحطة M1 في المدينة الصناعية لتأمين خط تغذية جديد إلى حلب، وتعزيز ساعات العمل الكهربائية للمواطنين.

تأهيل المدارس
وبعد أن تم تحرير السفيرة من رجس الإرهاب، تم العمل على إعادة تأهيل مناطق الريف، واتخاذ إجراءات سريعة لتأمين أوضاع المهجرين استعداداً لعودتهم إلى مناطقهم، وقد عمل فرع مؤسسة الإنشاءات العسكرية بحلب بالتعاون مع مديرية الخدمات الفنية على إعادة تأهيل المدارس المتضررة لإعادة العملية التعليمية وتشجيع عودة الأهالي إلى المناطق المحررة، وقد تم صيانة وتأهيل مدارس الشهيد حسين إبراهيم والسفيرة المحدثة وطارق بن زياد وخديجة الكبرى وعائشة وذات الصواري وحسان بن ثابت وتل عرن الجنوبية وشهداء الأقصى، كما تم إعادة تأهيل المدارس في بلدة السفيرة وتل عرن وذلك بعد عودة الأهالي إلى البلدتين.
كما قام فرع المؤسسة بعد تحرير أحياء حلب الشرقية بتأهيل المناطق المحررة، واتخاذ إجراءات سريعة لتأمين أوضاع المهجرين استعداداً لعودتهم إلى مساكنهم، وقد عملت المؤسسة بالتعاون مع مديرية الخدمات الفنية على إعادة تأهيل المدارس المتضررة: أبو القاسم الشابي والنابغة الذبياني في منطقة هنانو، وعلي بن أبي طالب وجابر بن حيان في منطقة الحيدرية، وأسماء بنت أبي بكر في منطقة تراب الغرباء وباب النصر.

ختاماً…
يواصل فرع المؤسسة بكامل طاقته البشرية والفنية والتقنية باستكمال مجوعة كبيرة من المشاريع الحيوية والاستراتيجية في المدينة والريف بوتيرة عالية وبنسب إنجاز عالية؛ وذلك بهدف استثمارها ووضعها في الخدمة قبل نهاية العام الجاري، فيما ينتظر المؤسسة تنفيذ عشرات المشاريع خلال العام القادم والتي من شأنها أن تدفع بعملية التنمية والنهوض المطلوبة.