دراساتصحيفة البعث

ترامب الخطر الأكبر على الناتو

 

ترجمة: عائدة أسعد
عن موقع بوليتيكو 2/12/2019
اعتادت مؤتمرات قمة حلف الناتو أن تُعقد في مناسبات ودية لحلّ الخلافات، لكن منذ تنصيب الرئيس دونالد ترامب أصبحت تلك اللقاءات مختلفة. بدلاً من عقد قمة رسمية في لندن يعقد أعضاء الناتو اجتماعاً للقادة احتفالاً بالذكرى السبعين لتأسيس الناتو الذي كانت مناسبته في وقت سابق من هذا العام، ويحضر ترامب ونظراؤه حفل استقبال مع الملكة إليزابيث الثانية وجلسة عمل، ولن يُطلب منهم إصدار بيان مشترك كما يحصل في مؤتمرات القمة الرسمية.
إن عدم وصف الاجتماع بـ”القمة” تسمية لا معنى لها، إنما إشارة قوية على قلق أعضاء الناتو حول الرئيس الأمريكي، ومحاولة لإبقاء ذلك القلق في حدّه الأدنى، ومن المحتمل أن يقتنعوا أن التقليل من الاجتماعات هو الطريقة الوحيدة للتخلّص من رئاسة ترامب على أمل أن تلتزم أميركا في يوم ما بالتحالف.
لكن الضغط من أجل تجنّب الخلافات قد يثير غضب الزعيم الأمريكي ويمنع التحالف أيضاً من مواجهة التحديات الخطيرة الأخرى، حيث تتعارض رؤية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للدفاع الأوروبي مع آراء الأعضاء الآخرين وخاصة ألمانيا، كما أن الدول الأعضاء الأصغر تشعر بالقلق من أنها في وقت الأزمات قد لا تكون قادرة على الاعتماد على الضمان الدفاعي لحلف الناتو.
على مدار سبعة عقود كان الناتو وسيلة مركزية للحفاظ على قدر من الاستقرار العالمي، ولكن من خلال كلماته وأفعاله يقلّل الرئيس الأمريكي من شأن الحلف الذي وصفه قبل انتخابه بالقول “عفا عليه الزمن”، وبعد أربعة أشهر من توليه منصبه سافر إلى بروكسل لحضور قمة الناتو الأولى وكان حضوره مروّعاً، فقد انتقد الحلفاء لعدم إنفاق ما يكفي في الدفاع ورفض تأكيد المادة 5 من معاهدة التحالف والتي تُلزم جميع الأعضاء بتقديم المساعدة من أي عضو يتعرّض للهجوم، تلك المادة التي تمّ الاحتجاج عليها مرة واحدة فقط في التاريخ عندما تمّ الهجوم على مسقط رأس ترامب في 11 أيلول 2001.
وبعد أسبوعين من قمة بروكسل تحت ضغط هائل أعلن ترامب التزامه بالمادة 5 لكن بقيت الشكوك قائمة مع تقارير بأنه ناقش سحب الولايات المتحدة من الناتو بالكامل. وأملاً في أن يكون سلوك ترامب وكلماته في عام 2017 مجرد مصادفة ونتيجة عدم الخبرة كان هناك ارتياح للقمة الثانية للحلف في العام الماضي، عندما وصل ترامب متأخراً وأهان أعضاء آخرين وألغى الاجتماعات وهدّد بمغادرة التحالف إذا لم يندفع الأعضاء في زيادة الإنفاق الدفاعي. وحصل الشيء نفسه في اجتماعات مجموعة السبع، لدرجة أن ماكرون قرّر التخلي عن البيان التقليدي للمجموعة هذا العام لتفادي كارثة 2018 وذلك يدلّ على أن الناتو يتبع النهج نفسه.
إن الناتو ليس بالفعل كما كان عليه، وذلك ما بدأ الأعضاء الآخرون يعترفون به، فقد لاقى إعلان ماكرون قبل أسابيع قليلة صدمة في جميع أنحاء أوروبا عندما قال “ما نشهده حالياً هو موت سريري لحلف الناتو”، وجادل بأن أوروبا بحاجة إلى الاعتراف بأنها لم تعد قادرة على الاعتماد على أمريكا، وردّت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على ماكرون بأن الناتو أصبح أكثر أهمية الآن مما كان عليه خلال الحرب الباردة.
وفي محاولة لتهدئة الرئيس الأمريكي قبل أيام من اجتماع هذا العام، أعلن رئيس التحالف ينس ستولتنبرغ أن الإنفاق الدفاعي للحلفاء قد ارتفع هذا العام بنسبة 4.6 في المائة، وفي الوقت نفسه قلّص ترامب قبل اجتماع لندن من مساهمة واشنطن في ميزانية حلف شمال الأطلسي الجماعية، وهي خطوة تؤثر على العمليات الإدارية لكنها لا تزال صفعة أخرى من الرئيس الأمريكي!.