اقتصادصحيفة البعث

المصرف المركزي يتحفظ على عرض وزارة النقل.. خسارة المرافئ السورية جراء تثبيت سعر الصرف بحدود 10 مليارات ليرة سنوياً

دمشق – محمد زكريا
يبدو أن تداعيات تثبيت سعر الصرف للعملات الأجنبية لقاء الخدمات المقدمة في المرافئ السورية، والتي تحدد بدلات الخدمات من”الرسو والتلبيس والإرشاد والقطر وغيرها من الخدمات” بموجب نشرة أسعار الصرف للعملات الأجنبية الخاصة بالجمارك والطيران والمرافئ، أدى إلى خسارة هذه المرافئ السورية مئات الملايين من الليرات سنوياً، وذلك نتيجة وجود فارق بين هذه النشرة والسعر الرائج في السوق الموازية..!

توسط
وبحسب المعطيات المتوفرة لدينا فإن وزارة النقل سعت إلى استدراك هذا الموضوع من خلال إرسالها مذكرة إلى رئاسة مجلس الوزراء تطلب فيها التوسط لدى المصرف المركزي من أجل إصدار نشرة خاصة تعتمد فيها أسعار الصرف للعملات الأجنبية تكون قريبة من أسعار صرف السوق، بدلاً من النشرة الرسمية التي تصدر مع نهاية كل أسبوعين والتي تكون بحسب السعر المركزي والمحدد بـ437 ليرة مقابل الدولار الأمريكي.

خسارة
ويشير بعض التقارير الصادرة عن شركتي مرفأي اللاذقية وطرطوس إلى أن تثبيت سعر الصرف لقاء الخدمات المقدمة في المرافئ، أدى إلى خسارة سنوية في كلا المرفأين إلى حدود 10 مليارات ليرة، وأوضحت هذه التقارير التي حصلت البعث على نسخ منها أن التعرفة المرفئية الحالية لكلا المرفأين تتم بالدولار الأمريكي فقط، وذلك بموجب القرارين الصادرين عن رئاسة مجلس الوزراء برقم 3668 و3697 المتضمنين تحديد سعر الصرف للعملات الأجنبية وفقاً للتعليمات والقرارات الصادرة عن مصرف سورية المركزي بهذا الشأن.
وبينت هذه التقارير أنه بناءً على ما ورد فإنه يتم تطبيق نشرة أسعار صرف العملات الأجنبية الخاصة بإدارة الجمارك العامة الصادرة عن المصرف المركزي، حيث إن النشرة المذكورة قد شهدت انخفاضاً في سعر الدولار من 513 ليرة عام 2017 إلى 437 ليرة خلال العام الفائت؛ مما انعكس تراجعاً في إيرادات المرافئ السورية خلال عام 2018 على الرغم من زيادة الحركة الملاحية، وبالتالي انخفضت إيرادات مرفأي اللاذقية وطرطوس لعام 2018 عن عام 2017 مقارنة بالحركة الملاحية للعامين المذكورين بحدود 5 مليارات ليرة سورية في كل مرفأ، وذلك نتيجة انخفاض سعر الصرف. وبحسب المعلومات الواردة في هذه التقارير فإن المديرية العامة للجمارك تتقاضى رسوماً مفروضة بموجب قوانين ومراسيم تشريعية، في حين تتقاضى المرافئ السورية بدلات بموجب قرارات إدارية، وهي لقاء الخدمات المقدمة للمتعاملين والتي تتطلب إنفاقاً استثمارياً وجارياً، حيث إن الإنفاق الاستثماري والجاري لتأمين الخدمات يتم بقسم كبير منه بالدولار الأمريكي أو بالليرة السورية حيث يتحدد سعر صرفها من قبل الموردين ومقدمي الخدمات استناداً إلى سعر صرف السوق الذي يزيد عن سعر التحصيل وفق نشرة الجمارك؛ مما يخلق تراجعاً في الأرباح المحققة رغم زيادة التشغيل.
واستناداً إلى ما ذكر فإن وزارة النقل تقترح أن يتم اعتماد نشرة خاصة بالمرافئ السورية يتم فيها احتساب مؤشر سعر صرف الدولار الأمريكي لتعرفة الخدمات لدى المرافئ السورية بسعر مقارب لسعر السوق لتجنب الخلل المشار إليه.

تحفظ المركزي
أبدى المصرف المركزي تحفظه على ما طرحته وزارة النقل، موضحاً أنه خلال الأشهر الأخيرة من عام 2017 سجلت أسعار الصرف الصادرة عن المركزي مستويات أعلى من تلك السائدة في السوق الدولية الموازنة، حيث وصل الفارق بين السعرين إلى حدود تجاوز عتبة 50 ليرة للدولار الأمريكي، وبناء عليه فإن فروقات أسعار الصرف في تلك الفترة هي التي ساهمت بزيادة إيرادات المرافئ السورية خلال عام 2017، وبعد أن تقلص الفارق بين هذه الأسعار بداية عام 2018 فإنه من الطبيعي أن تنخفض إيرادات المرافئ خلال العام الفائت عما كانت عليه خلال العام الذي سبقه.
وبحسب المذكرة المرسلة من المركزي إلى رئاسة مجلس الوزراء بهذا الخصوص والتي حصلت البعث على نسخة منها فإن المركزي لا يجد مشكلة جوهرية تستدعي المعالجة أو طرح حلول، كمشكلة تكبد المرافئ لخسائر مثلاً، إنما المشكلة هي انخفاض بأرباح المرافئ، معتبراً أنه يمكن اللجوء إلى حلها عبر استدراج العروض الأقل سعراً عندما تسعى لتأمين القطع التبديلية بالليرات السورية من موردين داخليين، وبينت المذكرة أن المركزي لا يعنى بنشر أو اعتماد أسعار الصرف الرائجة في السوق الموازية، وأن تطبيق نشرة أسعار صرف العملات الأجنبية الخاصة بإدارة الجمارك والطيران جاء بناءً على طلب وزارة النقل.

التعرفة ذات الجدوى
يذكر أن التعرفة الجديدة للحركة الملاحية البحرية ذات جدوى اقتصادية كبيرة، وريعية جيدة، والتي تعود بالفائدة على الخزينة العامة الدولة، وتحافظ في الوقت ذاته على عنصر المنافسة مع التعرفات النافذة في الدول المجاورة، إضافة إلى أن الزيادات الحاصلة في بنود التعرفة تمت ضمن الحدود المقبولة والمعقولة، ولم تؤثر في حركة تجارة الترانزيت عبر المرفأين، كما أنها راعت أصحاب البضائع الذين يستخدمون آلياتهم في تفريغ بضائعهم، مع الإشارة إلى أن التعرفة الحالية والمطبقة منذ عام 2015 تم فيها تخفيض البدلات المستوفاة بالليرة السورية بنسبة 25%، إلى جانب حساب مادة الخزن من تاريخ دخول كل بوليصة، إضافة إلى إلغاء البدل المضاعف للسفن التي تؤم المرفأ لغاية الإصلاح وإلغاء البدل المضاعف “شفتينج” دون المرور على الرصيف، مع التوضيح أن جميع أرقام التعرفة منافسة لمرافئ بيروت وطرابلس ومرسين والعقبة.
mohamdzkrea11yahoo.com