ثقافةصحيفة البعث

“أوراق علوم البلاغة”.. نحو موسوعة كتب البلاغة ورسائلها ومقالاتها

 

حرصاً على توفير المجهود والوقت على الباحثين، وليسهل عليهم تتبع الأفكار ومعرفة ما تقدم من أحوالها، دأب د. عبد الكريم محمد حسين على تقديم موسوعة تحوي أسماء كتب البلاغة ورسائلها ومقالاتها، وليس هذا الكتاب استقصاء لكل ما كتب في البلاغة، فذلكم بحر لا يحيط به فرد وحده، وليس الكتاب في تاريخ الكتب، لأنه لا يذكر تاريخ طباعة كل كتاب عند ذكره، فليس ذلك من شرط المؤلف، الغرض من الكتاب خدمة الباحثين وطلاب العلم الجامعي في الدلالة على ما كتب في البلاغة العربية مرتبة وفق تاريخ وفيات العلماء المتقدمين، فإن تعذر على الباحث معرفة وفاة العالم جعل تاريخ الطباعة أساساً لذكر الكتاب في موضعه، وربما نبه على موضع الوفاة أو الطباعة عند التعدد بوضع خط تحت الجهة المعدودة في التصنيف)، ولهذا الغرض صدر عن وزارة الثقافة الهيئة العامة السورية للكتاب- كتاب بعنوان “أوراق علوم البلاغة”.
يقدم الكتاب تصنيفاً جديداً يتناول كتب علوم البلاغة، وقد بني على منهج عام يقوم على خطوات عدة منها: اختيار الكتاب أولاً، وإثبات وراقته في المتن على أساس اسم الكتاب ومؤلفه ومكان طباعته والدار الناشرة ورقم الطبعة وتاريخها إن توفر ذلك، اختيار ترتيب كتب المتقدمين على أساس سني وفيات المؤلفين، وهي قوام تصنيفهم على طبقات في كتب المؤرخين، تخير البحث موضوعات الكتاب فعرضها الكاتب عرضاً من دون شرح أو تحليل أو اعتراض، تخير الكاتب بعض كلام المؤلف أحياناً ليكون عينة من رؤيته أو منهجية تفكيره لتعبر عن هوية الكتاب أو عقليته أو روحه التي بها يحيا.
تناول الكتاب ألواناً من الأبحاث المكتوبة في علوم البلاغة وهي الكتب والتي قسمت إلى كتب علمية وأخرى تعليمية ينقلها أصحابها من كتب المتقدمين كالمؤلفات الأصلية أو المؤلفات الفرعية كالتلخيص والشروح الحواشي، ومما طرحه المحاضر الرسائل الجامعية قبل أن تطبع كتباً، وبعض الأبحاث العلمية الموضوعة على الشابكة، وزود الكتاب بفهرس شامل لأسماء الكتب الواردة فيه مرتبة وفق حروف الهجاء العربية في الوراقة الأولى، ورتبت تاريخياً في الوراقة الثانية تسهيلاً للباحثين الراغبين بإحدى الطريقتين.
كما أورد الكاتب في بداية الكتاب الكتب على ما تقدم من الخطة، وتغفل الرسائل البلاغية المطوية في الكتب المذكورة من بعد: مجاز القرآن، صنعة أبي عبيدة معمر بن المثنى التيمي عارض أصوله وعلق عليه، محمد فؤاد سيزكين، بيروت- مؤسسة الرسالة، 1981: لتأليف الكتاب سبب وجيه حملته الرواية الآتية عن أبي عبيدة قال: «أرسل إليّ الفضل بن الربيع إلى النصرة في الخروج إليه، فقدمت عليه، وكنت أخبر عن تجبره، فأذن لي، فدخلت، وهو في مجلس له طويل عريض. فيه بساط واحد قد ملأه، وفي صدره فرش عالية لا يرتقي إليها إلا على كرسي، وهو جالس عليها، فسلمت بالوزارة، فرد وضحك إلي، واستدناني حتى جلست مع فرشه، ثم سألني، وألطفني، وبسطني، وقال: أنشدني فأنشدته من عيون أشعار أحفظها جاهلية فقال لي: قد عرفت أكثر هذه، وأريد من ملح الشعر، فأنشدته، فطرب، وضحك، وزاد نشاطه، ثم دخل رجل في زي الكتاب، له هيئة، فأجلسه إلى جانبي، وقال له: أتعرف هذا؟ قال: لا، قال: هذا أبو عبيدة علامة أهل البصرة، أقدمناه، لنستفيد من علمه، فدعا له الرجل، وقرظه لفعله هذا، وقال لي: إن كنت إليك لمشتاقاً، وقد سئلت عن مسألة، أفتأذن لي أن أعرفك إياها؟ قلت: هات، قال: قال اللـه تعالى: «طلعها كأنه رؤوس الشياطين» وإنما يقع الوعد والإيعاد بما قد عرف مثله، وهذا لم يعرف، فقلت: إنما كلم اللـه العرب على قدر كلامهم، أما سمعت قول امرئ القيس:
أيقتلني والمشرفي مضاجعي
ومسنونة زرق كأنياب أغوال
وهم لم يروا الغول قط، ولكنه لما كان أمر الغول يهولم أوعدوا به، فاستحسن الفضل ذلك، واستحسنه السائل، واعتقدت من ذلك اليوم أن أصنع كتاباً في القرآن لمثل هذا وأشباهه.
روضة الفصاحة لأبي منصور الثعالبي تحقيق: محمد إبراهيم سليم، القاهرة مكتبة القرآن، هذا الكتاب موضوع لتيسير علم الفصاحة على الناس وتسهيل أمرها عليهم.
سحر البلاغة وسر البراعة، لأبي منصور عبد الملك الثعالبي النيسابوري صححه وضبطه عبد السلام الحوفي- بيروت دار الكتب العلمية: تناول المؤلف في كتابه مجموعة من الفصول سماها كتباً باستقلال موضوعاتها، واشتراكها في أثرها البلاغي الموسوم بسحر البلاغة، وهي أربعة عشر كتاباً في الموضوعات الآتية: ذكر اللـه ورسوله وكتابه، الأزمنة والأمكنة وما يتصل بها وما يشاكلها، أحوال الإنسان من لدن صغره ونمائه إلى كبره وانتهائه، الطعام والشراب وما ينضاف إليهما ويقترن بهما، النظم والنثر وأصحابهما وآلاتهما وأدواتهما.
البديع في فصل الربيع لأبي الوليد إسماعيل بن محمد بن عامر الحميري تحقيق: د.علي إبراهيم كردي، دمشق دار سعد الدين، الكتاب اختيارات نصية تؤلف تطبيقاً بلاغياً لعلمي البديع والمعاني أولاً والبيان ثانياً، وليس كتاباً في تعليم علوم البلاغة، ولو كان ينص على التشبيه والتمثيل وما سوى ذلك لكن للتنبيه لا للتعليم.
الكتاب لا يفرق بين المدارس البلاغية، ويغفل استقصاء أنواع الكتب التي تتناول كتب تاريخ البلاغة لأنها متشابهة إلى حد بعيد في مادتها العلمية على افتراق في صياغتها فدل البحث بالقليل على الكثير، وأغفل الإطالة في إقامة الحجج على هذا الكتاب أو ذاك أو إقامة الحجة لهذا الكتاب أو ذاك رغبة بالاختصار واجتناباً للإطالة، ولأن الهدف الأول للعمل ليس نقد الكتب بل عرضها وراقة وموضوعاً خدمة وهدية للباحثين.
عُلا أحمد