اقتصادصحيفة البعث

تحت عنوان “كيف يستطيع رسم الاغتراب تحقيق تنمية بشرية واقتصادية مستدامة؟!” خبير مغترب: تعديل الرسم سيحقق عائداً مالياً كبيراً من القطع الصعب.. وإليكم إيجابياته الكبرى!!

في إطار السعي والمحاولة للبحث في أقنية جديدة أو تطوير القائم منها، تؤمن للدولة مزيداً من العائدات المالية وخاصة من القطع الأجنبي، لم نتفاجأ أن هناك سوريين مغتربين غيورين على وطنهم وشعبهم، يتابعون إعلامهم الوطني وكل ما يُنشر فيه، وهم في حالة تواصل دائم معنا، للمشاركة ولو بتقديم فكرة من شأنها أن تساعد وتساهم في تحقيق تلك العوائد.
المغترب معتز عمرين الحاصل على عدة شهادات علمية عالية، والمقيم في ألمانيا، شاء أن يدلو بدلوه فيما ذكرنا، والهدف أن تتحول المادة الفكرية إلى مادة مشروع قانون، مؤكداً أنه على استعداد للتواصل مع أي شخص في هيئة الضرائب والرسوم أو حتى في وزارة المالية، من أجل تطوير فكرة “الضريبة على المغتربين” وإحداثها، مبيناً -من خلال احتكاكه، عن طريق التعليم بالمفوضية الأوربية (يعمل في قطاع النقل المستدام)- معرفته ما يجب أن يكون عليه الإنسان من هدوء وصبر، لإحداث فرق وتقديم مشروع قرار وتصويره ليصبح حقيقة، مبدياً استعداده لتقديم أي معلومة “مدهشة” وجذابة للقارئ والمسؤول والمواطن، وحتى الجمعيات الأهلية، من منطلق إيمانه أن المغترب ورغم وجوده خارج الوطن، لكن عليه واجب التعاون مع أصحاب القرار للنجاح والمساهمة والعمل لتحقيق رفاهية مجتمعه الأ.
وتحت عنوان “كيف يستطيع رسم الاغتراب تحقيق تنمية بشرية مستدامة؟”، يلج عمرين مضمون مشروعه، متمنياً أن يكون نشره في خدمة آلية تنفيذه، لاعتقاده أن الهدف الحالي في 2020، سوف يكون إيجاد آلية للعمل على معدل نمو دائم، ولأجل هذا الهدف الكبير يجد أن الطريقة المثلى لتحقيق هذا، تكمن في فرض الضرائب على المغتربين، وتحويل المال المُجبى إلى الوطن الأم سورية.

زهيد..!؟
يعتبر عمرين أن رسم الاغتراب المقدر بـ1500 ليرة سورية (30 يورو بأسعار 2010)، مبلغ زهيد بالنسبة للمغتربين السوريين العاملين حول العالم، ويرى أنه بسبب التغيرات في حركة الناس حول العالم، فإن التقديرات تشير إلى أن هناك ملايين السوريين المغتربين، وقد ذكر الرقم لكننا تحفظنا عليه وعلى حساباته؛ لأننا نعتقد أنه لا يوجد إحصاء دقيق لأرقام المغتربين السوريين، وبالتالي لن تكون نتائج حسابات الجباية التي خلص إليها واقعية، لكننا أبقينا على الرسم الذي طالب به وهو 300 يورو سنوياً من كل مغترب. ومع أننا حاولنا الاتصال مع وزارة المالية وهيئة الضرائب والرسوم، للحصول فقط على قيمة رسم الاغتراب الحالي، كي يتسنى حساب العائد وفقاً للرسم الجديد المقترح من ضيفنا، إلاّ أن العذر كان حاضراً ولم نحصل عليه.

يلائم “الوسطي”
فكرة عمرين تهدف إلى أن يصبح هذا الرسم رسماً فاعلاً عبر تعديله ليصبح 300 يورو، بواقع يورو أو دولار عن كل يوم يقضيه المغترب بالسنة خارج سورية، معتبراً أنه مبلغ يلائم متوسط حياة المغتربين حول العالم، ويعد من أهم روافد الدعم للتعليم والطبابة والغذاء ورفاهية العيش في سورية. وفي معرض رده على ما وضحنا له من صعوبات في تطبيق وتحقيق هذا الرقم وخاصة لناحية تحصيله وإيصاله للخزينة السورية.. قال: تقديراتي أن المغتربين في أوروبا، سوف يدفعون بحدود 300 يورو في السنة (حيث تصل نسبة المواطنين المغتربين 75% من مجمل المغتربين السوريين)، وهذا مبلغ زهيد بالنسبة للدخل السنوي، حتى بالنسبة للحالات التي تعيش على المعونة الاجتماعية..، لافتاً إلى أن فكرة تنقُّل البشر من منطقة لأخرى تزيد بأرقام هائلة؛ وذلك نتيجة لعدة أسباب، ومنها الوطنية (وفكرة الحدود)، والعولمة وفتح الحدود، وتحول الدول من حالة الوطنية إلى حالة الاتحاد مثل اتحاد شرق إفريقيا والاتحاد الأوروبي.
مضيفاً، ولأن هذه الظاهرة سوف تزداد، وجب على الحكومة السورية إدراك هذه المسألة والاستفادة منها (مثال: بعض الدول تستفيد منها عن طريق استضافة الشركات العالمية الكبرى، مثال: هونغ كونغ، ايرلندا، سويسرا)، مبيناً أن فرض ضريبة 5% من مجموع الدخل السنوي للسوريين (ومن في حكمهم) وجميع المقيمين داخل الأراضي السورية فوق ثلاثة أشهر، سوف يساهم بشكل أساسي في دعم نظام الرفاهية المستدام المقدم من الحكومة السورية، للمواطنين والمقيمين على حد سواء.

يجب التنبه
ما نلاحظه –يقول عمرين- أن التحويلات المالية للمغتربين تؤدي بطريقة غير مباشرة؛ إلى الغلاء في العقارات (بسبب محدودية خيارات الاستثمار؛ ووضع “تحويشة العمر” في مشروع واحد، وعلى الأغلب يكون في العقار)، وتساعد على تقوية مبدأ التكافل الاجتماعي وتوزيع الثروة بين جميع طبقات المجتمع؛ ما يولد مساواة عادلة ومستدامة، وتعتبر استثماراً للأجيال القادمة، وخاصة إذا استثمرت هذا المبالغ في البنية التحتية؛ والتعليم والطبابة، كما تشكل استثماراً يقوم به المهاجر في بلده على المدى الطويل؛ ما يدفعه مستقبلاً للعودة وتشغيل أمواله في الوطن.

يمكن التحويل..؟
في إطار التطورات البنكية الحديثة، يمكن تحويل هذه الأموال عبر بنوك تتعامل مع الحكومة السورية، بعيدة عن أي نوع من العقوبات، مثال: البنوك التي مقراتها في هونغ كونغ؛ هي بنوك تحت إشراف الحكومة الصينية وتتعامل في نفس الوقت مع الأنظمة الغربية.
كما يمكن في الوقت نفسه بناء نظام متعدد من بنوك أوربية أمريكية وإفريقية آسيوية، وتوزيع هذا المال المتدفق، بحيث يصعب محاصرته وقطعه عن الحكومة، مع الإشارة إلى إمكانية التعامل من خلال القنصليات أو شركات تحويل الأموال.
تقسيمات اغترابية
طبعاً ولكي يكون التقسيم واضحاً، هناك ثلاث فئات من المواطنين السوريين المغتربين:
أولاً: المواطنون في دول الجوار، كالعراق ولبنان والأردن و(أضيفت إليها تركيا بعد 2011)، حيث النسبة الاكبر من المغتربين في هذه البلاد منتشرون وبكثرة، واعتقد أن تحصيل نسبة 5% من الدخل هي نسبة عادلة لهم، وطبعاً هناك شيء من الصعوبة في تحصيل السجل الضريبي للمواطنين في هذا الدول؛ لذلك يمكن في هذه الحالة أن نلجأ إلى تقديرات كل خمس سنوات تتوافق مع الـ 5% من أدنى دخل في هذه الدول.
ثانياً: المغتربون في دول الخليج والدول العربية الأخرى: هم على الأغلب من الفئات العاملة التي تملك سجلات ضريبية، ومن الممكن تقدير المبلغ المستحق لدفعه وهو 5% من الدخل.
ثالثاً: المغتربون في باقي دول العالم: أوروبا وأمريكا وإفريقا وآسيا هم أيضاً عاملون ويمكن الحصول على سجلات ضريبية لكل منهم، وبالتالي تقدير النسبة الأقل للدخل لتتوافق مع نسبة 5% للدخل الأدنى.

سر “الحديثة”
حقيقة هذا هو سر الدول الحديثة بعد القرون الوسطى، أي قدرتها على تحصيل الضرائب، وإعادة عائد الضرائب على شكل رفاهية لتحقيق ديمومة واستمرار المجتمع متكاتفاً مع مفهوم الدولة، فالعمل بتحصيل الضرائب، وخاصة في العصر الحديث، يقوم على أطر ثلاثة : جذب الشركات الكبرى، وهذا ما تنتهجه الدول الكبرى مع بعض الدول الحليفة الصغرى التي تسمى الجنات الضريبية؛ أو تأهيل الأفراد وهذا ما تنتهجه الدول الأوربية الشمالية، حيث الرفاهية العلمية وإنتاج عديد من الأبحاث مع الشركات الكبرى، أما الاتجاه الآخر فهو نموذج بيع المواد الأولية، وهذا نموذج عديم الفاعلية، بسبب عدم قدرته على الاستمرارية، وتغير طلبات السوق من المواد الأولية؛ وللعلم أن أغلب الدول تنتهج مزيجاً من المناهج ضمن هذه الأطر، لكنها تعتمد على نموذج دون آخر، وفق الظروف الاجتماعية التاريخية الجيوسياسية للدول.

خيارات التحصيل
إن تفعيل هذا الرسم وربطه في شبكة بنكية وشبكة حاسوبية، تسهل دخول هذه الأموال إلى موازنة الدولة، سيكون رافداً مهماً لعمل الحكومة، يساعدها على تقديم الخدمات التي يتطلع إليها المواطن. ولتحصيل هذا الرسم قد يلجأ إلى شركات خاصة، قادرة على تحصيله مقابل نسبة من التحصيل..، وقد يكون هناك مؤسسة دولة لتحصليه، لكن ما نميل إليه هو إحداث “طابع اغترابي”، بحيث يكون باسم المغترب، ومن رقم الطابع تستطيع أي جهة من مؤسسات الدولة التحقق من التزام المواطن بدفع هذه الضريبة، وفي الوقت نفسه يعفى المغترب من أي رسوم وضرائب يدفعها مقابل الأعمال القنصلية التي يريد الحصول عليها، سواء في الخارج أم داخل الوطن. فالفكرة التي نحاول إيصالها هي أن الضرائب سوف تزيد الرفاهية بين المواطنين، وأن أكثر الفئات التي ستستفيد من ضريبة المغترب هي المواطن المغترب والمقيم على حد سواء.
شرط
ويخلص الخبير إلى اقتراح خطة تتناسب مع قانون الإدارة المحلية، وهي صرف نصف المال المُجبى من المغتربين في محافظتهم الأصلية، والنصف الباقي لخزينة الدولة، بحيث يشعر المواطن المغترب أن هذا المبلغ يذهب لرعاية أهله ومنطقته، كما يقترح ربطه بقانون الضمان الاجتماعي.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com