دراساتصحيفة البعث

استهداف الصين لا يمكن أن ينقذ الناتو

ترجمة: عناية ناصر
عن موقع غلوبال تايمز 7/12/2019

بعد انتهاء اجتماع قادة منظمة حلف شمال الأطلسي “الناتو” في لندن، أصدر الزعماء إعلان لندن، قيل فيه: “إن نفوذ الصين المتزايد والسياسات الدولية توفران فرصاً وتحديات نحتاج إلى معالجتها معاً كتحالف”. هذه هي المرة الأولى التي تدرج فيها قمة الناتو الصين كموضوع مستقل، وتشركها في البيان المشترك.
وأضاف البيان: “إن الناتو والحلفاء، ضمن صلاحياتهم، ملتزمون بضمان أمن اتصالاتهم، بما في ذلك شبكة الجيل الخامس “G5″، مع الاعتراف بالحاجة إلى الاعتماد على أنظمة آمنة ومرنة”. لم يذكر البيان شركة هواوي وكان التعبير غامضاً!.
قبل القمة، صرّح الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ لوسائل الإعلام أن نهوض الصين مرتبط بأمن أعضاء الناتو، وذكر صواريخ الصين بعيدة المدى، ووجود الصين في القطب الشمالي واستثمارها في البنية التحتية. وأضاف قائلاً: “لا توجد وسيلة لأن ينتقل الناتو إلى بحر الصين الجنوبي، لكن علينا أن نتصدى لحقيقة أن الصين تقترب منا”، مضيفاً أن الناتو لا يريد “خلق خصوم جدد”.
ومما لا شك فيه، أن الصين لا تشكّل تهديداً بالنسبة لأعضاء الناتو، حيث تعمل الدول الأوروبية بنشاط على تطوير التعاون مع الصين. لكن بعض الدول تشعر بالقلق إزاء نفوذ الصين المتزايد، لكن مخاوفها لا علاقة لها بالأمن التقليدي. كان من الصعب للغاية بالنسبة للناتو، كتحالف سياسي وعسكري، أن يناقش نفوذ الصين في هذه القمة، إلا أنه من الواضح أن الولايات المتحدة هي التي فرضت عليه هذا الأمر.
لقد ضلّ حلف الناتو مساره منذ نهاية الحرب الباردة، وتفكك الاتحاد السوفييتي، وحل معاهدة وارسو، ولذلك استغلت الولايات المتحدة ذلك، وتريد جرّ حلف الناتو لمعارضة الصين، رغم أن هذا الأمر يتعارض مع المصالح الإستراتيجية للدول الأوروبية في الصين، وليس لدى الدول الأوروبية أي دافع لمساعدة الولايات المتحدة على حساب مصالحها الخاصة.
من بين الدول الغربية التقليدية، تعدّ سياسة أستراليا تجاه الصين هي الأقرب إلى الولايات المتحدة، ومع ذلك، فإن العقلية الجيوسياسية لدى الدول الأوروبية تختلف تماماً عن العقلية الأسترالية. كما أن لدى أوروبا الإرادة لتقوية نفسها ولا تريد أن تختار بين الصين والولايات المتحدة، إضافة إلى ذلك هناك خلافات بين ألمانيا وفرنسا مع الولايات المتحدة والتي تبرز من وقت لآخر، والأوروبيون لا يريدون أن يقلّلوا من قيمتهم. في مثل هذا السياق، من الصعب أن تكون الصين سبباً قوياً لتوحيد الناتو، فمن المحتمل أن ينتج عن موضوع الصين المزيد من الانقسامات داخل المجموعة.
إن الأيديولوجيا هي الرابط الأكبر بين الولايات المتحدة وأوروبا، فمنذ تولي ترامب منصبه، كانت هناك انقسامات في قيمهم المشتركة، وقد تضرّرت المصالح المشتركة للجانبين بشكل متزايد حيث تواجه العلاقات الأمريكية الأوروبية التقليدية تحديات خطيرة.
تحتاج الصين إلى تنفيذ سياسة الانفتاح بحزم، وتوسيع التعاون الاقتصادي مع أوروبا وتعزيز التواصل الاستراتيجي مع الاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية الكبرى. في هذه الحالة، سيكون من الصعب على الولايات المتحدة تقييد أوروبا في التعامل مع الصين، لأنه في حال تقلصت الاختلافات الأيديولوجية بين الصين وأوروبا بشكل فعّال، ستواجه الولايات المتحدة صعوبة أكبر في جذب أوروبا إلى جانبها لاحتواء الصين.
من دون المصالح المشتركة، قد يكون مصير الناتو هو الفشل، كما سيكون الخطأ الأكبر اعتبار موضوع الصين الرئة التي يتنفس عبرها الناتو.