ثقافةصحيفة البعث

التشكيلي مازن غانم في غاليري صالة عشتار

افتتح مساء الأول من أمس في صالة عشتار للفنون الجميلة بدمشق  معرض الفنان التشكيلي مازن غانم القادم من محافظة اللاذقية في خطوة تفتح آفاقاً جديدة لفناني المحافظات لتأكيد حضور التجارب الجديدة في العاصمة وتعريف الجمهور بهذه التجارب وخلق فرصة حوار كبيرة بين الفنانين أنفسهم وقد سبق هذا المعرض بعرض لأعمال فنان آخر في نفس الصالة  من محافظة السويداء، وتحسب لإدارة الصالة هذا التوجه في عرض تجارب تشكيلية سورية من مختلف المحافظات إسهاماً في تقريب المشهد التشكيلي السوري لهذا الموسم واكتشاف الجديد والقادم منه نحو خلق حالة أكثر عافية من ذي قبل، حيث احتكار العاصمة للنشاط التشكيلي وتقديم منتج محدد في دائرة مغلقة أضحت معروفة وتتبوأ منصات الإعلام رغم تواضع الكثير منها، وما قدمه الفنان غانم بما يحمل من جديد وخاص يمكن أن يلحظ على الصعيد التقني المادي في اللوحة حيث الألوان المائية الكثيفة أداة أساسية في مادة الرسم على الكرتون التي تغيب أو تتراجع هذه التجارب في المعارض على حساب تقدم المحاولات الأخرى بتقانات تنشد تحقيق السطح الجديد من خلال اللصق والكولاج أو استخدام العجائن السميكة عند أغلب الفنانين، إلا أن تجربة الفنان غانم القادمة من عالم الرسم الجميل الذي ينشد المتعة وتجسيد العذوبة بما تحمل من شفافيات إنسانية رقيقة لم تقع في خانة التكرار لما سبق بل ولجت عوالم جديدة بناها هذا الفنان بالاستفادة من مفردات حياتية اجتماعية تعاش وتستحق التأكيد على المستوى الروحي.

لا يبتعد مازن غانم عن أولئك التعبيريين في فهمه لأثر الحركة في اللوحة أو الانفعالات الواضحة في حركة الخط ومساحة اللون وكثافة الجملة البصرية ويتضح من خلال بعض المساحات الشجاعة في اللون المغاير للجملة الأساس وباستخدام مواد مختلفة عن المادة الملونة الأساس مثل الأكريليك، إلا أن وداعة الحال القائمة واضحة في اللوحة ومن الصعب تهشيمها لأن طمأنينة الفنان العميقة لا يعوزها ذلك الصخب الذي تحدثه ضربة في الهواء أو اللون، فاللوحة حميمية في ألوانها وتشكلت من عمارة نفس الفنان المجرب بحذر العارف لإمكانيات الخامة ومفردات الموضوع.

يمكن القول في تجربة هذا الفنان أنها تجربة مفتوحة على عوالم متعددة فمن حيث الفكرة هي تجربة تنتمي لمجتمعها وليست غريبة عنه فالأفكار المطروحة تعنى بالعائلة والمرأة والمكان والضوء في سياق ذهني معروف وينتمي للشرق والمدينة السورية، أما من حيث المعالجة هناك محاولات مزاوجة بين المواد القريبة والأسلوب في التأثير مثل الأكريليك والأكواريل وحركة الخط وانتشار اللون العفوي والتدخل بعقلانية من قبل الفنان في حدود معينة ،وفي  مستوى التكوين وعمارة العمل لا يقف المشهد على قاعدة محددة فالفضاء المفتوح يتوازن باللون حيناً وبالأثر الهندسي وقد يكون عمودياً أو أفقياً فلا أهمية لذلك أمام وافر من نبل نفسي يمتلكه الفنان يفيض في أعماله مما يجعل من التكوين حاضرا بلياقة عالية في أغلب اللوحات، مما يؤكد أننا أمام فنان عذب يمتلك أدواته وله من الخصوصية ما يكفي حقيقة الفنان.

أكسم طلاع