زواياصحيفة البعثمحليات

تكرار اللجان.!

أثارت قضية نقل آلات معمل أحذية السويداء بلبلة على مواقع التواصل الاجتماعي، وبشكل أعاد معها الحديث عن واقع القطاع العام الصناعي والأزمات والمشكلات المتراكمة فيه، والتي تطفو بين الفينة والأخرى على ساحة الحقائق المغيبة لغايات وأهداف بعيدة كل البعد عن مسارات الإصلاح التي يتفق الجميع على أنها لم تنطلق بعد من على خط البداية الذي بقي ولسنوات طويلة مجرد شعار رنان في ساحات العمل الإصلاحي.

وما يثير الحيرة أن الحوار حول إصلاح القطاع العام الصناعي لم ينقطع بين العديد من الجهات التي جاهرت بقدرتها على تصحيح مسار العمل، وتحقيق التغيير الإيجابي الذي وللأسف بقي مجرد عنوان لحالة غير موجودة على أرض الواقع، خاصة مع إخفاق جميع اللجان المشكلة لهذه الغاية والتي راوحت في مرحلة التشخيص دون أن تستطيع الإقلاع بما يتمخض عنها إلى ساحة التنفيذ والتطبيق، أو الوصول إلى صيغة نهائية لماهية الأولويات المطلوبة، بل على العكس بقي الدوران في حلقات مكررة من التنظير والنفخ في القرب المقطوعة كما يقولون هو المسيطر في هذا القطاع.

وما يستوجب الوقوف عنده في حادثة نقل الآلات من معمل منتج -كما كانت تؤكد الجهات المعنية- أنها تثبت عدم امتلاك وزارة الصناعة رؤية واضحة أو خطة فعلية قادرة على البدء بخطوة الألف ميل، فالملاحظ بل المثبت أن ما يجري إلى الآن مجرد تكرار لتلك الجمل القصيرة التي رددها جميع الوزراء الذين تناوبوا على قيادة الدفة الصناعية وفشلوا في تجاوز المشكلات التي يعاد طرحها، كضعف الإنتاجية والعمالة الفائضة ونقص الكوادر الخبيرة، وعدم جودة المنتجات، واصطفاف تلك المشكلات تحت مظلة الحرب وتداعياتها التي باتت ميداناً للهروب من المسؤولية وتعليق الفشل على مشاجبها.

وطبعاً هذه النتيجة ليست وليدة المرحلة الحالية، بل لها جذور في الماضي عندما أغرى القطاع العام الصناعي “وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها” الكثير من الحالمين بالثروة وفتح شهية بعض من هم في مواقع المسؤولية حتى غدا رغم مساهماته ودوره الإيجابي في الجانب الاجتماعي الاقتصادي التنموي من أكثر القطاعات التي عشش الخلل في عمل مجالس إداراته، التي انتهكت بشكل متعمد منظومته الإدارية الإصلاحية، وكانت بأبطالها وسيناريوهات مخالفاتها العديدة من اختلاس للأموال العامة واستنزاف إمكاناته وقدراته الاقتصادية.. في مراتب ومراحل متقدمة من المرض العضال الذي أدخل غالبية شركات القطاع العام الصناعي في تلك المرحلة المعروفة بالموت السريري.

ولاشك أن النقاش في أهمية عمل اللجنة العليا المكلفة بإصلاح مؤسسات القطاع العام الاقتصادي في هذه المرحلة.. يشكل مضيعة للوقت وعودة إلى نقطة البداية، والأهم من ذلك وضع مقترحاتها موضع التنفيذ  الفعلي بخلاف اللجان السابقة التي شكلت في الماضي لإصلاح القطاع العام الاقتصادي وبقيت مقترحاتها حبيسة الأدراج، وهذا يعني أن المماطلة من جديد في معالجة الأوضاع الصعبة للقطاع العام، سيتيح المزيد من المبررات لأولئك المتربصين به والباحثين عن بوابات آمنة لتصفيته تحت مختلف التسميات القديمة والجديدة.؟ فأين أصحاب القرار من ذلك.؟!

بشير فرزان