دراساتصحيفة البعث

ماذا في جعبة 2020؟

ترجمة: هيفاء علي

عن موقع “أوي فرانسيه” 15/12/2019

قد يوحي هذا العنوان بأن الموضوع يتعلّق بتوقع الفلك والمنجمين للأبراج، لكن الأمر ليس كذلك، فما هو إذن؟.

حقيقة، أيام قليلة تفصلنا عن العام الجديد ونودع من خلالها عاماً كئيباً بامتياز شهد العديد من الاضطرابات في كثير من المناطق، وعلى وجه الخصوص المنطقة العربية، حيث تشهد الساحات في العراق ولبنان والجزائر مظاهرات عنيفة منذ تشرين الأول الماضي، عدا الحديث عن اليمن وليبيا وفلسطين. ومن المرجح أن يكون عام 2020 مفضياً للغاية إلى الثورات والانتفاضات في أكثر من 115 دولة حول العالم، وستكون الحروب الهجينة أكثر تفضيلاً من جراء التباطؤ الشديد للاقتصاد العالمي، الذي يتفاقم بسبب الحروب التجارية والتقنيات الرقمية وسخف أسعار الفائدة السلبية. لقد أصبحت الشعوب تشعر بالإحباط أكثر فأكثر جراء تحمّل أعباء الديون، ولم يعد بإمكان الكثير منها مواجهة فقاعة المضاربة العقارية المجنونة، حيث وصلت تكلفة المعيشة المرتفعة في بعض البلدان إلى عتبة لا يمكن للتحليل الاقتصادي الرشيد أن يشرح كيف لا يزال الأفراد قادرين على التعامل مع عدم كفاية الدخل ونظام الضرائب في كل مكان من المنبع  إلى المصب. الغضب عارم في كل مكان، وجميع العوامل مواتية لمجالات تطبيق الحرب الهجينة. غالباً ما يكفي لمحفز بسيط أن يؤدي إلى انتفاضة شعبية، تختلف شدتها من بلد إلى آخر. على مستوى الاقتصاد الكلي، تعطّل التمويل العالمي تماماً بسبب سنوات من السخاء والتلاعب الكبيرين من جانب البنوك المركزية، مع انتشار أسعار الفائدة السلبية في العديد من البلدان، ما أدى إلى زيادة الديون الخاصة.

على الرغم من بعض الإحصائيات الخاطئة عن نمو افتراضي غير موجود، فإن الركود العالمي يتميّز بالتباطؤ في معظم الاقتصادات، مع الاستخدام المفرط للطباعة من قبل بعض الدول القوية لمصلحة التضخم وفقدان الوظائف في العالم.

يتحدث بعض الخبراء عن “تطهير النمو العالمي” الذي من المحتمل أن يتسبّب بأزمة نظامية ستحدث بسبب أي عامل خارجي في عالم التمويل. لم يستنفد النظام جميع موارده الداخلية فحسب، بل إنه في حالة من العذاب والتخبط. كما يمكن أن تكلف التقنيات الحديثة مثل الكهرباء الكاملة فقدان عدد كبير من الوظائف بنسبة أعلى مما كانت عليه بعد حقبة الانتقال الكبيرة في التسعينات وما بعدها، وهذه الحقيقة ليست مطمئنة للاستقرار الاجتماعي في عدد كبير من البلدان، إضافةً إلى أن تدمير اقتصادات بعض البلدان الفقيرة والحروب التي واجهتها تسبّبا في تدفق هجرة كبيرة نحو بلدان أكثر استقراراً، لكن الأزمة العالمية تخاطر بوضع ما يُسمّى بالبلدان الغنية في حالة اضطراب.

أخيراً، فإن المواجهة الجيواستراتيجية والجيولوجية الاقتصادية بين بكين وواشنطن تشبه الآن حرباً عالمية صمّاء كبيرة بين أكبر اقتصادين في العالم، وهي لا تبشّر بالخير لباقي العالم. فالصين هي المطبخ الذي تتم فيه الصناعة العالمية، وسيكون للصراع المحتمل بين الصين والولايات المتحدة تأثير مدمّر للغاية على الاقتصاد العالمي من البداية قبل الاستيلاء على الكوكب. وسيكون الاتجار بالمخدرات والاتجار بالأسلحة والمقامرة والأنشطة غير القانونية والجريمة العابرة للحدود والمرتزقة والاتجار بالبشر والاقتصادات السرية، بما في ذلك على الشبكة، جزءاً متزايد الأهمية من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

كل هذا لا يبشّر بالخير للغد، وبعيداً عن ذلك، تأخذ معظم الحكومات الوضع على محمل الجد، بما في ذلك الإنفاق على المعدات الأمنية والقمع. لقد بلغ النظام النيوليبرالي حدوده، وانفجار البنى الاجتماعية السياسيّة هو أمر طارئ يلزم التكيّف معه أو اختفاءه.

وبالتالي، لا يبدو أن أي بلد محصّن ضد ثورة عنيفة ما، وهذه حقيقة تخشاها الحكومات إلى أقصى درجة، وللأسف الشديد سيكون عام 2020 عام الثورات أو العصا.