اقتصادزواياصحيفة البعث

لماذا لا تتخلى الوزارة عن الصناعات الصغيرة؟!

يحرضنا التوجه الحكومي لإصلاح القطاع العام الاقتصادي، على الحديث عن دور وزارة الصناعة المفترض أن يتمحور حول رسم السياسات الاستراتيجية للقطاع الصناعي كله، وخاصة لجهة توزيع المشاريع الاستثمارية بما يتواءم والمقومات التنموية في كل منطقة على مساحة الجغرافية السورية..!

لقد ثبت على مدى عقود من الزمن تعثر القطاع العام الصناعي في كثير من الجوانب التي يحكمها منطق الربح والخسارة، وأما نجاحه المحقق في الأخرى فبسبب حصوله على مزايا تفضيلية، كصناعة التبغ وتعبئة المياه المحصورة به ليس إلا..!

ولا ننكر في هذا السياق أن ما يقف وراء خسارة معظم مؤسسات وشركات القطاع العام  هو التركيز على الجانب الاجتماعي واضطلاعها بالدور الأبوي لاحتضان أكبر شريحة ممكنة من العمالة؛ ما أفضى بالنهاية إلى الترهل الناجم عن هذه العمالة الفائضة.!

كثيرة هي الشواهد في قطاعنا العام التي تدل على تراجع أدائه وتدني مستوى كفاءته الإنتاجية، ولعلنا نجد في المؤسسة العامة للصناعات النسيجية التي كانت محور اجتماع اللجنة العليا لإصلاح القطاع الاقتصادي العام أمس، أنموذجاً يشخص حالة الترهل التي يعيشها القطاع العام الإنتاجي نتيجة تناقص عدد الكفاءات والخبرات رغم ما تزخر به من فائض عددي انكفأ معظمه بعيداً عن مواقع الإنتاج الحقيقية لاهثاً وراء الأعمال الإدارية تحت ذرائع وحجج من قبيل عدم مساواة الأجر بما يبذل من الجهد.. وأن السن المتقدمة نسبياً للبعض لم تعد تساعدهم على العمل العضلي.. وغير ذلك من الأسباب التي يحيكها عمال يفضلون قضاء ساعات عملهم بأدنى جهد ممكن، وبالتالي اضطرار إدارات مؤسساتهم وشركاتهم الإنتاجية إلى ضخ دماء جديدة ليزداد فائضهم العددي، وتحميل الشركات أعباء مالية خارج حسابات المدخلات والمخرجات الإنتاجية…!

لذلك نعتقد إما وجوب إعادة النظر بهذا القطاع ككل، وتخليصه مما ينتابه من هذه التحديات، إضافة إلى تخلي وزارة الصناعة عن صناعات تندرج ضمن المشروعات المتوسطة –إن لم نقل الصغيرة- كالكونسرة والأجبان والألبان، والنهوض بالصناعات الكبيرة كصناعة الحديد مثلاً، علماً أن القطاع الخاص أثبت جدارته بكلا المكونين، ويفترض أن يضطلع هو بهما، وليس وزارة الصناعة..!

مؤكد أن خلاص شركاتنا الإنتاجية مما ابتليت به من أمراض نخرت مفاصلها لا يحتاج إلى قرارات إسعافية وترقيعية، بل جذرية واستراتيجية عبر إعادة هيكلتها ورفدها بكفاءات تضاهي تلك الموجودة في القطاع الخاص، وإن كان ذلك على حساب التخلي عن دورها الاجتماعي والأبوي؛ لأن من لا يريد أن يعطي لا يستحق أن يأخذ، وفي النهاية لكل مجتهد نصيب.

حسن النابلسي

hasanla@yahoo.com