ثقافةصحيفة البعث

لنقل ما لدينا ونرحل

جلال نديم صالح
من تابع مؤتمر ثقافة الأطفال في زمن الحرب الذي أقامته وزارة الثقافة مؤخراً سيجده بالفعل يعكس جهداً حقيقياً يصب في موضوع من أكثر المواضيع أهمية وحساسية، وهو كيف سنرمم جراح أطفالنا التي نزفت على مدار سنوات الحرب الظالمة على بلدنا.
العنوان يؤكد أهمية استثمار جميع الأدوات والوسائل المتاحة التي يمكن من خلالها التأثير على الطفل وتعزيز ثقافته، وقد ركزت أغلب المداخلات التي قدمت على ما هو مكتوب من كتب ومطبوعات تخص الأطفال وهو موضوع في غاية الأهمية لكنني بصراحة كنت أتمنى أن يخصص محور في المؤتمر يتحدث عن سينما ومسرح الطفل وما يمكن أن ننتجه من برامج محلية تستهدف الأطفال من حيث التأثير، على اعتبار أن هذه الجوانب من أهم الوسائل التي يمكن أن تؤثر إيجاباً في تثقيف الطفل إذا ما أحسن استخدامها لما لها من تأثير مباشر وأكثر سهولة وسرعة إذا قارناها بالمطبوعات التي تخص الطفل، لأن المطبوعات قبل أن تفعل فعلها تتطلب خطوات في مقدمتها تعزيز ثقافة القراءة لدى الطفل وهو موضوع أساسي لا خلاف على أهميته، لكنه يحتاج إلى وقت وهناك شبه إجماع على أن هذه الثقافة لم تنتشر كما يجب ونحن الآن بأمس الحاجة لحلول سريعة لإنقاذ هذه الأجيال ومحو آثار السنوات التسع الأخيرة، وبالتأكيد هذا لا يتعارض مع الخطط الإستراتيجية المرسومة بعيدة المدى والتي قد تستغرق سنوات ليظهر أثرها، لذا قد يبدو من المهم أن يتم العمل على أكثر من صعيد استثماراً للوقت وتحقيق المرجو والمراد، وفي جانب آخر يخص أغلب المؤتمرات أو الندوات التي تقام على مدار أكثر من يوم يلاحظ من يتابع غالبيتها أن الكثير من المحاضرين المشاركين فيها يتواجدون فقط خلال الجلسة التي تتضمن مداخلاتهم ولا يكلفون أنفسهم عناء حضور مداخلات زملاء آخرين مشاركين في المؤتمر وكأنهم يقولون جئنا لنقول ما لدينا ونرحل ولا يهمنا ما سيقدمه الآخرون في حال غياب الحالة الطارئة التي تبرر ذلك لم أجد لهذه الظاهرة عبارة أكثر تهذيباً من افتقاد البعض لثقافة الاحترام أو عدم إدراك الغاية الحقيقية من المشاركة في مؤتمر ما.
عموماً تقام المؤتمرات كفرصة للحوار والمناقشة ليتم استخلاص النتائج والاقتراحات التي يمكن أن يتم تبنيها لاحقاً من قبل المؤسسات والجهات صاحبة العلاقة لتصبح مثمرة على أرض الواقع، حتى المناقشات التي تجري قد تكون بذرة لفكرة أو مشروع مهم يمكن أن يضاف للمحاور الأساسية المطروحة للنقاش ولو كان الأمر غير ذلك لكانت المؤسسات بدلاً من أن تكلف نفسها عناء الإعداد المسبق لمؤتمر ما وما يتصل به من أمور تنظيمية وإدارية مختلفة، إضافة للتكاليف المادية التي تضمن نجاحه قد وفرت كل هذا العناء بأن طلبت من المشاركين إرسال أبحاثهم ومداخلاتهم عبر البريد الإلكتروني لتُجمع ويتم إصدارها على شكل كتاب فيما بعد، بطبيعة الحال مهما كانت الملاحظات ومهما تعددت فهي لا تعني التقليل من أهمية الجهد المبذول لأي جهة أو مؤسسة تتبنى وتعمل على أحد المشاريع الوطنية لأننا في مرحلة التعافي بحاجة لكل جهد صادق يصب في مصلحة الوطن.