اقتصادصحيفة البعث

بعد تعثر صدور مشروع قانون ينظم صناعة التدريب الإداري.. “التنميــــة الإداريــــة” تتبنــــى قرارات إســـــعافية تحــــد مــــن فوضــــى عمـــل المراكــــز التدريبيـــة

 

دمشق – محمد زكريا

بعد أن تعثر مشروع قانونها الخاص بصناعة التدريب الإداري، وتوقفه في مجلس الشعب لأكثر من عام، لم يعد أمام وزارة التنمية الإدارية في مواجهة الفلتان القانوني والإداري الحاصل في عمل مراكز التدريب الإداري الخاصة سوى خيار إصدار بعض القرارات التي تهدف إلى ضبط هذه المراكز من خلال تنظيم العملية التدريبية فيها، والمتمثلة بثلاثية المركز والحقيبة والمدرب. وبحسب مصدر رسمي في الوزارة فإن متابعة ومراقبة عمل هذه المراكز ليس من أولويات عمل الوزارة، ومع ذلك فإن الوزارة لم تخلِ مسؤوليتها تجاه عمل هذه المراكز، فبعد التأخر الحاصل في إصدار الصك التشريعي الذي يتبنى ضبط عمل هذه المراكز، سارعت الوزارة خلال الفترة الماضية إلى إصدار عدة قرارات تهدف إلى تنظيم العملية التدريبية في هذه المراكز، وضمان كفاءة أداء المراكز التدريبية العامة والخاصة من خلال استيفائها لمعايير الجودة اللازمة لمنحها الاعتمادية الوطنية من قبل الوزارة، مشيراً إلى أن هذه القرارات تأتي كحل إسعافي ومؤقت لعمل هذه المراكز ريثما يتم الإفراج عن الصك التشريعي الذي لا غنى عنه في حل ومعالجة التجاوزات والمغالطات التي تقع في بعض المراكز التدريبية، منوهاً بالوقت ذاته إلى أن الوزارة بموجب هذه القرارات لا تتقاضى أية رسوم مالية من المراكز التدريبية لقاء مصادقتها على الشهادات التي تمنحها هذه المراكز؛ وذلك لأن مرسوم إحداث الوزارة لم يجِز لها جباية الرسوم واستيفاء البدلات عن خدماتها مقابل قيامها بتنظيم عملية التدريب والتأهيل لمؤسسات القطاع الخاص.

قرارات إسعافية
ولعل أبرز ما أصدرته الوزارة بهذا الخصوص هو القرار رقم 551 الذي يهدف إلى تنظيم العملية التدريبية وضمان كفاءة أداء المراكز التدريبية العامة والخاصة من خلال استيفائها لمعايير الجودة اللازمة لمنحها الاعتمادية الوطنية من قبل الوزارة. ويشير القرار المذكور إلى أن الوزارة تمنح وثيقة الاعتمادية للمركز التدريبي عند ممارسته مهنة التدريب الإداري وتحقيقه شروط الاعتمادية، ونص القرار على الشروط الواجب تحقيقها في الجانب الفني، بحيث يحدد المركز التدريبي توجهاته في مجال التدريب الإداري، ويلجأ إلى تحديد نوع برامجه والشهادة الممنوحة لكل برنامج تدريبي، وأن يكون للمركز التدريبي خطة تدريبية نصف سنوية معلنة، على أن يلتزم المركز بعدم منح شهادة مشاركة في دورة تدريبية لمن تقل نسبة حضوره عن 80% من المدة الزمنية للدورة التدريبية، فيما تحتوي الشروط التي تتعلق في الجانب اللوجستيي على أن يكون لدى المركز التدريبي مكتبة مزودة بالكتب والمراجع الحديثة الإكترونية أو الورقية، وألا يقل عدد قاعات التدريب في المركز عن قاعة واحدة لا تقل مساحتها عن 20م2، وألزم القرار المركز التدريبي المعتمد باعتماد برامجه التدريبية خلال ثلاثة أشهر من صدور قرار اعتماده، على أن تشكل لجان الكشف على مراكز التدريب المتقدمة بطلبات الحاصلة على الاعتمادية الوطنية للتدريب الإداري بقرار من الوزير، وتقوم لجان الإشراف بالكشف الدوري على مراكز التدريب الحاصلة على الاعتمادية وترفع تقارير التتبع للوزير، بحيث تمنح المراكز التدريبية المعتمدة وفق هذا القرار المتدربين وثيقة تدريبية، يذكر فيها اسم المركز وتاريخ قرار اعتمادية المركز والبرنامج التدريبي، وتصدق هذه الوثيقة من الوزارة.
فيما نص قرار آخر على تحديد معايير اعتمادية البرنامج التدريبي من حيث أهداف البرنامج والشريحة المستهدفة والمعارف والمهارات المكتسبة منه، إضافة إلى بيان مكونات البرنامج التي يجب أن تتضمن جزأين؛ الأول معرفي ولا تقل نسبته عن 60% من كامل البرنامج التدريبي، والثاني عملي ينحصر في التطبيقات العملية بما يضمن اكتساب المتدرب للمهارة والخبرة العملية نتيجة اتباعه للبرنامج التدريبي، ولا تقل نسبته عن 40% من كامل البرنامج التدريبي، على أن يتم إعداد البرنامج وفقاً لأساليب وطرق البحث العلمي مع مراعاة الأمانة العلمية وتحديد المراجع، كما نص القرار على تقييم خاص بالمتدرب، وبالمدرب، وبجودة البرنامج التدريبي.

ضمان الجودة
وزيرة التنمية الإدارية الدكتورة سلام محمد سفاف بينت في تصريح خاص لـ”البعث” أن الوزارة أنجزت منذ قرابة العامين مشروع قانون يعمل على تنظيم صناعة التدريب الإداري في القطاعين العام والخاص، ويؤسس نظام الاعتماد الوطني الشامل في سورية، بغية تحقيق ضمان كفاءة أداء مؤسسات ومراكز التدريب الإداري من خلال تحقيقها معايير الجودة الوطنية اللازمة لمنحها تراخيص مزاولة المهنة، إلى جانب ضمان كفاءة وجودة المناهج التدريبية من خلال استيفائها لمعايير الجودة اللازمة لمنحها الاعتمادية الوطنية، إضافة إلى وضع محددات معيارية لضبط منح لقب “المدرب”، وضمان جودة أدائه من خلال تنظيم المدربين في مسلك مهني واضح تؤسسه وزارة التنمية الإدارية. وأشارت سفاف إلى أنه وبموجب هذا المشروع فإن الوزارة ستكون الجهة المختصة بمنح رخصة مزاولة المهنة للمؤسسات والمراكز التي تمارس أنشطة التدريب الإداري جزئياً أو كلياً، مضيفة أن المشروع لم يغفل تنظيم مهنة المدرب التي تكون وفق مسلك مهني محدّد يتدرج خلاله الراغب بممارسة تلك المهنة ضمن مراتب، ووفق معايير يحددها المشروع، وينال بموجبها شهادة وبطاقة مدرب صادرة عن الوزارة.

ضابطة للرقابة
يشار إلى أن مشروع القانون المذكور يعنى بصناعة التدريب الإداري ونظام الاعتماد الوطني الشامل في القطاعين العام والخاص، والذي يهدف إلى ضمان كفاءة أداء مؤسسات ومراكز التدريب الإداري من خلال تحقيقها معايير الجودة الوطنية اللازمة لمنحها تراخيص مزاولة المهنة، مع ضمان كفاءة وجودة المناهج التدريبية عبر استيفائها لمعايير الجودة اللازمة لمنحها الاعتمادية الوطنية، مع وضع محددات معيارية لضبط منح لقب “المدرب” وضمان جودة أدائه، من خلال تنظيم المدربين في مسلك مهني واضح تؤسّسه وزارة التنمية الإدارية.
ويتطرق مشروع القانون الذي حصلت البعث على نسخة منه إلى إحداث ضابطة خاصة للرقابة على عمل مؤسسات ومراكز التدريب الإداري، ومدى التزامها بالأحكام الواردة في هذا المشروع وتعليماته التنفيذية، تسمى ضابطة التدريب الإداري الخاص، على أن تمارس مهام تتعلق برصد المخالفات التي ترتكبها مراكز التدريب الإداري، ورفع تقارير دورية بهذا الشأن، والقيام بزيارات دورية للمؤسسات “مراكز التدريب المرخصة” للتأكد من التزامها بشروط منحها الترخيص. ولم يغفل مشروع القانون باب العقوبات والجزاءات بحق المخالفين من مراكز التدريب الخاصة والمتمثلة بمعاقبة المخالف بغرامة مالية تصل إلى مليون ليرة في حال ثبت أن الترخيص قد صدر بناء على معلومات غير صحيحة، وبأخرى قدرها 500 ألف ليرة في حال قيامها باستخدام مدربين غير مرخصين وغير معتمدين من الوزارة. ونص مشروع القانون على أن تؤول جميع العائدات المالية الناجمة عن تطبيق أحكام هذا القانون إلى الخزينة العامة للدولة.

حظر حقيقي
بالمحصلة: إن التدريب الإداري في خطر حقيقي نظراً لوجود مراكز كثيرة وغير مرخصة، ولا تعتمد معايير إنشاء المراكز التدريبية، ولا معايير المادة العلمية أو التدريبية، ولا تلتزم بوجود مدربين محترفين ومعتمدين بين كوادرها، وإن عدم وجود ضوابط ومعايير واضحة ومطلوبة جعل منح الشهادات أكثر فوضوية وعشوائية؛ وذلك لأن مصادر هذه الشهادات متنوعة وغير واضحة، إذ إن أغلبها يفتقر إلى المصداقية والثقة، وهنا يبقى التعويل على دور وزارة التنمية في معالجة هذا الخلل من خلال قرارات توضح كيفية إجراءات الترخيص، ونوعية المادة العلمية التي تقدمها هذه المراكز، ولابد من الإسراع في إنجاز مشروع قانون صناعة التدريب الإداري.
mohamdzkrea11@yahoo.com