اقتصادصحيفة البعث

حسابات “بابا نويل”!!

لا أذكر، على الصعيد الشخصي، أقله خلال مرحلة الطفولة، إنَّ كنا نحتفل بعيد الميلاد المجيد، على ما درجنا عليه حالياً، وبهذا الكم والنوع من الشكلية..
ولكي لا أفهم خطأ، أبين أن تناولي وذكري لهذا العيد هو من باب المثال لا أكثر، بعيداً عن الجانب الروحي، للوصول إلى ما أود الإدلاء به..
بحكم التغيرات التي شهدتها المجتمعات البشرية – أوربا مثلاً في ثورتها الصناعية – وما تبع ذلك من تطور اقتصادي وانعكاس هذا على كل مناحي الحياة وجوانبها، ومنها الأعياد، كان الاتجاه المتصاعد والمتسارع نحو تكريس العقل الاستهلاكي، وبشكل مطرد على حساب العقل الاستثماري الحقيقي..
اتجاه أُصيبت بعدواه السلبية معظم المجتمعات، وخاصة في الدول المُستقبلة -بشكل عام- للسلع المنتجة في الدول الصناعية المتقدمة، إلى الحد الذي كادت فيه النزعة الاستهلاكية تطغى على الجانب الاستثماري فيها؛ كونها مجتمعات غير منتجة للفكرة التي تولد صناعة، سواء كانت صناعة كمالية أو أساسية.
هذا الواقع جعلنا أسواقاً كبيرة وهامة مستهلكة لكل ما ينتجه الغير، وبالعقلية التسويقية التي يحددها لنا، حتى لما هو من مفردات الخاص جداً لخصوصيتنا الاجتماعية والروحية!!
فالصين مثلاً، ورغم اختلاف عقيدتها ومعتقداتها، تنتج لنا كل أشكال وألوان وأنواع وأصناف الزينة الميلادية (التي نقلتها وأخذتها عن الغرب) إلى جانب الرمضانية وغيرها.. ليس هذا فحسب، بل وصلت حتى لتُنتج لنا الأشياء المرتبطة بالسبحة، وكذلك تُصنِّع وتُنتج الإكسسوارات والأدوات التراثية ومختلف الاحتياجات اليومية، ومنها العديد مما يعتبر حرفاً تقليدية خاصة بنا من مئات السنين!!
منتجات وسلع وبضائع تعني – من جملة ما تعنيه – عشرات ومئات المعامل والمشاغل، ومئات الآلاف من فرص العمل، وإعادة تدوير للمواد، وبالنتيجة قيم مضافة من لا شيء، وصولاً إلى تحقيق مستويات متصاعدة من النمو الاقتصادي السنوي، جعلها قاب قوسين أو أدنى، من السيادة الاقتصادية على العالم!
والسؤال المر هو: ماذا ينقصنا لنكون قادرين على تصنيع وإنتاج – على الأقل – ما هو خاص بنا، رغم بساطته؟!
من المؤكد أنه لا تنقصنا العقول ولا الأفكار المبدعة، ولا المهارات ولا الفنيون والمهندسون المهرة، وإنما الإرادة والإدارة واستغلال الفرص والاستثمار الصحيح لإنساننا وطاقاتنا ومقدراتنا في المكان والزمان المناسبين والصحيحين!
نسأل وصدورنا تتحسر: كم كانت أعيادنا أجمل وأبهج وأثمن، لجيوبنا وجيوب خزينتنا، لو كانت “الزينة..”، وما تعنيه من مئات ملايين الدولارات التي تُنفق، صناعة محلية وطنية، لمناسبات يكاد بريقها يخفت عاماً إثر عام!!!
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com