اقتصادصحيفة البعث

العبرة بـ”النزاهة” قبل “الذكاء”!

أثبتت البطاقة الذكية قصورها سواء لجهة توطين الرواتب، أم لجهة تحقيق عدالة توزيع بعض المواد،
فالحصول على الراتب عبر هذه البطاقة بات يحتاج جهدا وتفرغا مضنيين، والحصول على مادة المازوت بموجب هذه البطاقة أضحى أقرب ما يكون لسحب ورقة اليانصيب، حيث فرص الاتصال بالمستهدف مرتبطة بدواليب حظ اختيار الرقم!
وبغض النظر عن أسباب هذا القصور المتعلقة – ربما – بالتعاطي مع هذا المكون التقني المتطور من قبل الجهات المعينة، فقد أثبت الواقع أن الفساد هو السبب!
فذريعة المصارف دائماً “أعمال الصيانة وعدم توريد قطع التبديل بسبب العقوبات”.. فهل يعقل خلو سورية من المهندسين القادرين على حل هذه الإشكالية البسيطة، أم أن إقصاء الكوادر الكفوءة هو السبب؟
أما المشهد في وزارة النفط المعنية بتوزيع مادتي الغاز والمازوت الحيويتين فيبدو شائكاً، فحلقات الفساد لا تزال نشطة إلى أبعد حد، والبطاقة الذكية لم تستطع حتى تقليص رقعة السوق السوداء الزاخرة بهاتين المادتين على مدار الساعة ولكن بأسعار مضاعفة!
كان من المفترض بمن اعتمد البطاقة الذكية سبيلاً لراحة المواطن، أن يؤهل كوادره ويصقل أخلاقها، لا أن يتكل على بطاقة لم يكن المفعول الإيجابي الذي يمكن أن يوحي بذكاء من أطلقها!
ولعل من المفارقة أن نتحسر على أيام الأساليب التقليدية لجهة قبض الرواتب من المحاسب، وتحصيل المحروقات من الباعة الجوالين، بعد أن تجرعنا مرارة التعامل بالبطاقة الذكية، في حين أن دول العالم تتسابق باتجاه أتمتة خدماتها كافة!
أما آن الأوان للخلاص الكامل من الفساد؟
ألا يستحق المواطن السوري استنفار كل الأجهزة الرقابية لاستئصال هذه الآفة من جذورها؟
ألم تع الحكومة بعد أن أية مبادرة تتخذها تجاه المواطن، أو برنامج عمل جديد يصب في صالح الأخير، يشترط أن يكون بمنأى عن الفساد عبر الاعتماد على ذوي الأيادي البيضاء على أقل تقدير؟
فالفكرة بالموضوع – أيها السادة – هي ضرورة العمل على برمجة الإنسان ليكون “نزيهاً” قبل أن يكون “ذكياً”!
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com