صحيفة البعثمحليات

ثمن الحلم

تسوّق المؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية “تجارة الحظ والنصيب”، على أنها فرصة تقدّمها الأذرع منذ عقود لإدخال أعضاء جدد في نادي الأغنياء السوريين بطريقة مشروعة، و”عالمرتاح” تصبح ثرياً دون أن تجتهد وتتعب نفسك، والفضل كما يعرف الجميع لورقة إذا لم تربح تخسر.
قد يكون في هذا النشاط إدراكاً لقيمة الغنى من أقصر الدروب، ولكن أليس في الأمر تهمة جاهزة، مفادها أن الدولة تتاجر بأحلام الناس وفي ذلك كل المبررات لتوجيه التهم لمن يستحقها، ومفادها شرعنة عمل ليس قانونياً بالعرف المؤسساتي والأخلاقي، وهنا تجد الحكومة نفسها في موضع تأكيد المؤكد عبر تطبيق خدمة اقتصادية واجتماعية تنتج “زنكيل” آخر ومحدث نعمة من شريحة الفقراء الأكثر استهدافاً وغيرهم ممن يطمحون للحلم القادم مع دواليب “المعارض”، وتفتح طاقات القدر عبر سحوبات دورية على مدار العام، ليبقى موسم السحب الأكثر شهرة وضجة لرأس السنة، حيث تتجمع موضة قراءة النجوم وتوقعات المنجمين وفأل العرافات لتكتمل الصورة بيانصيب يدغدغ رغبات الاكتناز المالي!.
ومع الاتفاق والاختلاف على هذا الملف، لا يمكن تحييد جدواه لجهة خزينة الدولة وجيب المواطن، فالتكلفة عند الطامح لا تتعدى بضعة آلاف من الليرات ثمن الحلم، ومع تقلبات الحظ قد يكون فلان من الموفقين إذا ابتاع ورقة أو دفاتر بأكملها تعطي مزيداً من الفرص، ومع اللعب على هذا الوتر تتضاعف المبيعات عند حكومة تحتكر النصيب وتصيب الأفراد “المقامرين والمراهنين والمحتالين والنصابين” في مقتل اللعب بالناس والمتاجرة بأموالهم بطرق غير مشروعة؟!.
لطالما تقوم مؤسسة المعارض والأسواق الدولية بحملات تسويق السحوب السنوية التي تدرّ عليها أرباحاً مهمّة، في وقت عزّت فيه الموارد المتعلقة بتجارة المعارض العائدة من جديد، هنا لا يمكن إنكار القلق الذي ينتاب القائمين على المؤسسة جراء تراجع النشاط حتى في موضوع اليانصيب الذي تراجع كثيراً، لدرجة أصبحت تعد للألف قبل الإقدام على مبادرات كانت ترمي لدعم الأنشطة الاجتماعية والثقافية والرياضية.
في هذا المجال لا يمكن إلا التمني بالتوفيق لكل الحالمين بالغنى، ولكن ثمّة ما يضع مؤسسة المعارض في خانة وجع تضاؤل المورد الاقتصادي لأرباح اليانصيب، لتصل نسب التراجع إلى 50% جراء خروج مراكز بريد عن الخدمة وتراجع القدرة الشرائية للمواطن الذي ضاعت أحلامه بين الأمان وتمشاية الحال، أما الغنى فقد استفرد به المتاجرون والمقتدرون الذي تعودوا أن يأكلوا البيضة والتقشيرة.
علي بلال قاسم