ثقافةصحيفة البعث

“فارس ياغي”: اسطنبولي في “المختار”

 

الحديث الشعبي الطويل، والمطلب الصارخ، الذي طالب به ملايين السوريين، والقرارات الرسمية الصادرة بخصوص مقاطعة بضائع الاحتلال، أي احتلال سواء ذلك الصهيوني في الجنوب، أو العثماني في الشمال، قام كل من الإعلامي “باسل محرز” والفنان ” فارس ياغي”، خريج المعهد العالي للفنون المسرحية –دفعة 2015-، بنسفها كلها، وكأن لا وجود لها أساسا، وكأن هذا القرار سواء الشعبي أو الرسمي بمقاطعة تلك البضائع، والتركية منها بطبيعة الحال، بعد الدماء السورية التي تسببت تركيا في نزيفها الدامي بين الأخوة، تركيا التي تحتل اليوم بعضا من أراضي سورية، كما فعلت سابقا مع أرض سورية أبا عن جد سرقتها “لواء إسكندرون” السليب، لم يسمع به كل منهما ربما!
ذلك جرى في الحلقة التي تمت فيها استضافة الفنان “ياغي” من قَبل الإعلامي!، في برنامج “المختار” الذي يقدمه “محرز” على إذاعة “المدينة”.
اللقاء الذي جاء احتفاليا من جهة الإذاعة، بفنان سوري شارك في مسلسل “عروس بيروت-2019″،في النسخة العربية منه، التي اخرجها “إيمرة كاباكوساك”، والمنسوخ عن المسلسل التركي “عروس إسطنبول-2017″،هذا اللقاء الناري، تعرض إلى شأن جسيم من الشؤون الفنية بالتأكيد، ومنها الأجر العالي-مقارنة بالأجر الهزيل الذي يتقاضاه فنانونا في الأعمال المحلية كما ذكر محرز-، الذي قبضه الفنان “ياغي”، عن مشاركته في العمل الآنف الذكر، ورغب الإعلامي “محرز”، بمعرفة ما الذي قام بفعله الفنان مع كمية الدولارات هذه، باعتبار إنتاج مسلسل “عروس بيروت”، عائد لواحدة من أغنى قنوات سفك الدم السوري، وكان مقدم البرنامج ذكر هذه المعلومة القيّمة فعلا، في حديثه مع الفنان، فعلى “سيرة العسل”، سأل “محرز” “ياغي” الذي جاء لإجراء اللقاء “اسطنبولي” حسب قوله-، إن كان بدأ بـ “لحس العسل” وكيف قام بذلك، أما جواب الفنان،فقد جاء شقه الأول إنساني بحت، باعتباره قدم مساعدة كبيرة لأخيه لإتمام دراسته، أما شقه الثاني، فجاء للحديث عن الأحذية و”الجواكيت” التركية، التي خلبت لب “ياغي”، أثناء تنقله للتصوير بين كل من بيروت وإسطنبول، فكان وحسب قوله أيضا يشتري ويشحن مشترياته من هناك إلى البلاد.
حكومة البلاد، منعت بقرار صادر عنها، شراء بضائع العدو التركي، ومقاطعتها أسوة بمقاطعة نتاج أي مُحتل ولو لشبر من جغرافيا البلاد، وهذا القرار مهم للغاية، كونه حظر استيراد أو شراء أية مواد أو بضائع أو تجهيزات ذات منشأ تركي، بما في ذلك عدم قبول العروض التي تتضمن موادّ أو بضائع أو تجهيزات يدخل في تركيبها أي مكوّن تركي، والسبب وراء هذا القرار، جلي وبين وواضح وضوح النهار، فكيف تشتري مُنتجاً أيا يكن، من منتجات العدو، الذي يقدم الدعم المادي واللوجستي، لمختلف الجماعات الإرهابية، ومنها “جبهة النصرة” على سبيل المثال لا الحصر، الموضوعة على قمة لوائح “الإرهاب” عالميا، وصاحبة الأكف السوداء في ذبحها وقتلها للسوريين!.
المصيبة في الموضوع، أن من يتحدث به وكأنه شأن بديهي، “إعلامي وفنان”، وهذان من أصحاب الرأي كما هو مُفترض، وفي برنامج له جمهور يتابعه، يتأثر به وبما يقدمه بالتأكيد، وإلا لما كان لظهوره علينا من المذياع، أي داع أو سبب، فإن لم يكن البرنامج المذكور، وغيره من البرامج، لا جمهور لها، يتأثر ويتفاعل مع ما تُقدمه، فلمن تُقدم برامجها؟ بالتأكيد ليس للزجاجات الفارغة، ولا للحيطان والأرصفة وشارات المرور، ولا بد أن العديد إن لم نقل الكثير، من هذا الجمهور المحلي، قدم ما قدم من أبنائه شهداء على مذبح الوطن، في حرب خاضوها ويخوضوها حتى اللحظة ضد العدو التركي وأزلامه، هؤلاء ما هو شعورهم وهم يستمعون لما جاء في هذا اللقاء التحفة؟ ألم ينتبه كل من “الإعلامي والفنان”، لخطورة ما جاءا على ذكره؟ دعونا من سوية الحوار، لسنا هنا لتقييمها، لكننا بالتأكيد لن نرضى أن “نُشرعن” ما منعته حكومة البلاد في قرار صريح وواضح، ولسبب صريح وواضح، عدا عن كوننا لن نرضى، أن تتم إهانة فناننا السوري لنفسه وللجمهور الذي استخف بمشاعره،وبمعاناته ومآسيه! بقصد أو بدونه، بما جاء على ذكره في “المختار”.
حديث كهذا يجري في مقهى ربما بين صديقين يلتقيان بعد غياب، لكنه لا يجوز ومن غير المقبول بل وممنوع أيضا، أن يظهر أحدهم على الأعلام المحلي، ليروج بقصد أو دون قصد لبضاعة العدو، وكان على الزميل “باسل محرز”، باعتباره “نجم إعلامي” خاض في شأن كهذا لا ريب أكثر من مرة، أن ينتبه لخطورة ما يقوله ضيفه، خصوصا وأن ضيفه ممثل، يدخل عبر الشاشة الصغيرة إلى كل البيوت، ويشاهده الجمهور بمختلف شرائحه العمرية.
إن كان الإعلامي والفنان عموما، لا يدركان خطورة حديث كهذا، أولا في شقه الوطني والإنساني، وتاليا في شقه الاقتصادي والتسويقي المجاني، لبضاعة العدو على حساب بضاعة البلاد، فلا عتب على الجمهور إن لم يفعل، رغم أن “الجمهور” المحلي، في حال حدث وقام بمخالفة قرار رسمي ما، فإنه لن يُظهره للعلن، وإن سألت أحدا منهم، إن كان ما يرتديه من ثياب، قادم من بلاد العدو، فإنه حتى ولو كان يرتدي بعضا منها سوف يُنكر ويستهجن!
من يعرف، ربما ما اشتراه فناننا الشاب من سترات وأحذية، تمت صناعته في المعامل السورية التي سرقها أردوغان!
فيا أيها الساقي إليك المشتكى
تمّام علي بركات