اقتصادصحيفة البعث

مبادرات أهل الخير وتقاعس حماية المستهلك!

مع تقديرنا لأية مبادرة تطلقها الفعاليات الخاصة والعامة لجهة تخفيض الأسعار، إلا أن المستهلك لم يلمس ذلك الأثر المبتغى منها؛ إذ إننا لا زلنا نلحظ وجود أرباح غير مبررة لعدد من السلع والمواد كالسكر مثلاً، حيث أن سعره عالمياً لا يتجاوز النصف دولار، ويباع في أسواقنا المحلية بأعلى من ذلك… فعلى مدى السنوات السابقة حتى ما قبل الأزمة كان سعر الكغ من السكر في أسواقنا المحلية لا يتجاوز النصف دولار، ويتوافق بشكل مستمر مع سعر الصرف، أما حالياً إذا ما قيمنا سعر الكغ من السكر مع سعر الصرف الرائج في السوق الموازية فنجد أنه أعلى من ذلك، إذ وصل إلى حد الـ550 ليرة في بعض المناطق..!
هذا الأمر لا يعكس فقط تقاعس وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك عن ضبط الأسعار، وتغنيها بضبوط لا تغني ولا تسمن من جوع، وإنما يعكس أيضاً جشع المتاجرين بقوت العباد..!
كما أن أية مبادرة مهما كانت سامية لن تخفض الأسعار إلى مستوى الطموح، وإنما ستكون بمنزلة رافد إنساني لا يتعدى الشعور بالآخر، طبعاً مع تقديرنا مرة أخرى لأية مبادرة في هذا المجال.
فالمشكلة إذاً أيها السادة ستبقى قائمة إذا لم تتخذ إجراءات جذرية وحاسمة لمعالجة سعر الصرف، وهذا يتطلب بالضرورة – كما أسلفنا في مقالات سابقة – تعزيز الإنتاج والاعتماد على الذات، وقمع التهريب من جذوره، وغيرها من الإجراءات الحمائية للإنتاج الوطني..
ونكرر مجدداً أن الفساد يلعب دوراً ليس بالقليل في هذا المشهد القاتم في هذه المرحلة التي تعج بفوضى عارمة، عنوانها الرئيس غياب الأجهزة الرقابية، فلا يتوانى رواد الفساد عن الظهور بأي مناسبة تخدم مصلحتهم، مع فارق جوهري عن بقية المراحل السابقة يتمثل بارتفاع مستوى احترافهم، وازدياد قدراتهم الخفية، وصقل مهاراتهم السحرية، وتوسيع شبكة علاقاتهم المشبوهة، وامتلاكهم دراية أكبر بالقوانين والأنظمة النافذة، بحيث يسخرونها لمآربهم المريبة وفق العمل بروح القانون دون نصه، لتظهر بشكل أو بآخر بأنها قانونية ولا يشوبها أية شائبة..!
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com