ثقافةصحيفة البعث

هنــــاء أبــو أســـــــــعد: أكتـــــــب بعفـــــــوية ووضـــــــــــــــوح

 

على الرغم من صدور مجموعتها الثانية “بالأمس كنا” مؤخراً إلا أنها تقول في حوارها مع “البعث”: “أنا لست شاعرة ولا أسمي نفسي كذلك” مبينة أنها تكتب ومضات إنسانية بطريقة سهلة يفهمها الجميع .

بين المجموعة الشعرية الأولى لك”العابر في كانون” وبين مجموعة “بالأمس كنا” ما الذي تغير فيك كشاعرة وإنسانة؟ وكيف انعكس ذلك في المجموعة الثانية؟
اتسعت تجربتي في المجموعة الثانية “بالأمس كنا” لكن لم يتغير شيء في الأحاسيس سوى بعض اللوحات التي تعتبر الأرض والوطن من الأولويات لبقاء الإنسان واستمراره، وهذا من واقع الحرب القاسية التي مرت علينا فتبعثرت أرواحنا ولكن بقي الدفاع عنها هو الواجب الأسمى:
سيد الأوطان/أنت وطني/من جراحي أجمل الحكايا/سورية لنا.
لماذا الشعر؟ وهل هو بالنسبة لك حاجة وضرورة؟
لطالما راودتني فكرة أن أكتب نوعا آخر من الأدب، ولكن تبقى قصيدة النثر والخواطر الأقرب إلى وجداني وروحي والأقدر على التعبير عن هواجسي، مع التأكيد على أن كل أنواع الكتابة تنطلق من الوجدان، فنرسم ما يدور حولنا بلوحات من الأبجدية الصادقة، حروفها حالات وجدانية نمر بها فنخطها على الورق بألوان الأحاسيس الصادقة..في صغري كنتُ أقرأ قصص سلسلة المكتبة الخضراء وأعيش في عالمها الخيالي، وبدأت بعد ذلك كتابة يومياتي وبعض الوجدانيات، ولكن للأسف لم أحتفظ بها، إلاأنني فكرتُ بالاحتفاظ ببعض من كتاباتي وتدوينها، فكان الديوان الأول “العابر في كانون” الذي عبّرتُ فيه عن الكثير من الأحاسيس الأنثوية وحب الوطن والأمكنة، وسجلت فيه كذلك ما سمعتُه من حولي، وكان له وقع خاص عندي.
كيف انعكست أجواء الحرب على ما تكتبينه شعراً؟ وبأية آلية عبرتِ عنها في مجموعتك “بالأمس كنا”؟
لا يستطيع أي كان الانفصال عن الواقع الذي يعيشه، فالحرب أثرت على الجميع وجعلتنا نبتعد عن الرومانسية قليلاً، وخلّفت غصة حزن في أرواحنا، وقد حاولتُ في “بالأمس كنا” أن أطرح جزءاً من تجربتنا الواقعية، وخاصة فيما يتعلق بالقضايا السياسية التي مرت بنا، فكتبتُ عن الهوية وحب الأرض والتعلق بالمكان، ولابدّ أن أعترف أننا في الحرب قد نفقد اللغة وسط ما نعيشه من توتر وقلق وخوف، وبالمقابل تصبح الكتابة في الحرب وكأنك تكتب موتك وتعكس حالات تمر أمامك يوميا من دمار وقتل وشهداء، ولكن مع هذا لم نفقد الأمل بالنصر، وثقتنا بحُماة الوطن كانت وستبقى كبيرة، مع الإصرار على المقاومة والحفاظ على الأرض:
من جراحي أجمل الحكايا/حين جاؤوا ليلوثوا ثوبك/نجمة الصباح.
اللغة وسيلة الشاعر للتعبير عما يجول في ذهنه، فأية هواجس تنتابك حيال اللغة وأنتِ تكتبين؟ ومتى تصبح اللغة غاية بحد ذاتها عندك؟
اللغة وسيلة توصلنا إلى مبتغانا، لذلك يجب إتقان اللغة للوصول إلى مانريد إيصاله من صورة بيانية.. لقد درستُ الأدب الفرنسي من رواية وقصة وتعبير وشعر، وهو أدب معروف بالرومانسية، لذلك ربما أثّر ذلك على كتاباتي.. والهدف من كتابة أي شيء أدبي هو تواصل الكاتب مع المحيط ونقل هواجسه بطريقة سهلة وأسلوب لغوي سهل تطغى عليه الصبغة الفنية والصورة الجمالية، وهذا يتطلب من الشاعر والكاتب أن تكون له مرجعية ثقافية واسعة لن تتأتى إلا من خلال وعي ثقافي حقيقي وقراءة مستمرة، وبالتالي فإن اللغة لا تفي بغرض المطلوب لدى الكاتب إلا إذا كانت ترسم الكلمات بإبداع وجمال، خاصة فيما نعيشه الآن.
تميلين إلى المباشرة في شعرك.. متى تصبح المباشرة عندك ضرورة وحاجة؟ ومتى تبتعدين عنها؟
قد يقول البعض أن المباشرة في الشعر تُفقد معنى العبارة، ولكن برأيي فإن الشعر الصادق في تعبيره عن الحالة هو الذي يبقى ويدوم خلافاً للشعر المفتعل الذي يغرق في المجهول ولاتزول آثاره بزوال مرحلته، فبعض المفردات لابد أن تُكتب واضحة حتى لو كانت لها رمزيتها ودلالاتها وارتباطاتها لأن الشاعر لايقتصر شعره على الأنا التي في داخله، بل تعكس نظرة الكائن الإنساني للوجود، فيأتي الكلام من رحم الشعور سواء كان مباشراً أم لا، ولا أتقيد متى يجب أن أكتب بطريقة مباشرة أو أبتعد عن المباشرة، بل أكتب بعفوية ووضوح.
أمينة عباس