دراساتصحيفة البعث

الكونغرس شريك ترامب

ترجمة :عناية ناصر
عن موقع رون باول انستيتيوت 25/12/2019

تخيل أن الرئيس ترامب أمضى مكالمته الهاتفية مع الرئيس الأوكراني مهدداً بحجب المساعدات العسكرية ما لم توافق الحكومة الأوكرانية على استخدام الأموال لشراء أسلحة أمريكية الصنع.
هل هناك من يعتقد أن العاملين في العلاقات الخارجية، وعملاء الدولة العميقة سيصابون بالصدمة والإساءة الكبيرة من طلب ترامب حتى يتمكنوا من إطلاق محاولات عزله ؟ هل كان سينظر الكونغرس إلى هذا الأمر على أنه “جريمة وجنحة كبيرة ” أم سيصفقون لترامب لقيامه بأحد أهم الوظائف المفترضة للرؤساء المعاصرين ألا وهي العمل كمسوقين للمجمع الصناعي العسكري الأمريكي؟
يوضح هذا الافتراض أن الإقالة لا تتعلق بإساءة استخدام الرئيس ترامب للسلطة، لكنها محاولة للتأكد من أن الرئيس ترامب، وجميع الرؤساء المستقبليين، عليهم الالتزام بالبنود التي تشكل جدول أعمال المؤسسة السياسية.
لقد قوبلت إساءات استخدام الرئيس ترامب للسلطة بالموافقة الكاملة من قبل الأغلبية في الكونغرس، ووسائل الإعلام الرئيسية، والدولة العميقة. على سبيل المثال، عندما أطلق الرئيس ترامب عملاً عسكرياً في سورية دون الحصول على موافقة الكونغرس، لم تكن هناك دعوات لمقاضاته. بدلاً من ذلك ، كان معظم أعضاء الكونغرس سعداء تماماً بالسماح لادعاء الرئيس ترامب بلا منازع بأن تفويض 2001 باستخدام القوة العسكرية ، الذي منح الرئيس سلطة محدودة للعمل ضد المسؤولين عن هجمات الحادي عشر من أيلول 2001 ، يمنحه السلطة لشن عمل عسكري ضد حكومة لا علاقة لها بهجمات الحادي عشر من أيلول. الحالة الوحيدة التي يوبخ فيها الكونغرس السياسة الخارجية للرئيس ترامب هي عندما يتحدث بشكل إيجابي عن إقامة علاقات سلمية مع روسيا أو إنهاء تورط الولايات المتحدة في النزاعات العسكرية التي لا يمكن تحقيق النصر منها.
هذا النفاق يتجاوز السياسة الخارجية، فالعديد من الديمقراطيين الذين يزعمون أن الرئيس ترامب فاشي ومختل عقلياً حريصون على ضمان استمرار الرئيس ترامب في إجراء مراقبة لا مبرر لها على كل أمريكي من خلال إعادة تفويض الجزء 215 من قانون باتريوت.
يتوق المحافظون المعارضون لترامب في الكونغرس إلى منح الرئيس ترامب سلطة جديدة لانتهاك التعديل الثاني. حتى أولئك الذين يدعون التقدمية الذين يقولون: إنهم يعتقدون أن ترامب فاشي مختل، لم يعترضوا عندما أقر قوانين “العلم الأحمر” التي تمنح الإدارة السلطة، كما قال الرئيس ترامب” خذ السلاح أولاً ، ثم اخضع للإجراءات القانونية الثانية”.
ولعل المثال الأكثر إزعاجاً عن نفاق خصوم ترامب في الكونغرس هو كم من أولئك الذين يشعرون بالقلق من سلامة “المبلغين عن المخالفات” في أوكرانيا غيت صامتون أو مؤيدون لتواطؤ إدارة ترامب في المعاملة اللا إنسانية لمؤسس “ويكيليكس” جوليان أسانج. كما أنهم يسكتون عن قيام الإدارة الأمريكية بإعادة تشيلسي مانينغ إلى السجن لأنها ترفض مساعدة المحكمة الأمريكية في قضية مدير موقع “ويكيكس” السيد أسانج.
لقد تجاوز جميع الرؤساء المعاصرين القيود الدستورية المفروضة على سلطتهم، وبالتالي كان يجب عزلهم، وربما كان ينبغي ذلك. السبب وراء عدم عزلهم هو أن غالبية أعضاء الكونغرس يؤيدون السماح للرؤساء بشن الحرب في الخارج وتدمير الحرية في بلادهم دون “إعاقة” من قبل الكونغرس، والخلاف الحقيقي الوحيد بين الطبقة السياسية هو أي حزب يجب أن يمتلك أدوات السلطة.
تعتمد استعادة القيود الدستورية على الإدارة وبالتالي حماية الحرية لنشر الأفكار وتطبيق الديمقراطية الحقيقية، لكن لن تتم استعادة الحرية المفقودة إلا عندما يخشى الرؤساء وأعضاء الكونغرس أن يتم “عزلهم” في صندوق الاقتراع لارتكابهم جرائم كبرى وجنح ومخالفات ضد السلام والازدهار والحرية.