دراساتصحيفة البعث

من إدلب إلى ليبيا

ترجمة: سمر سامي السمارة
عن موقع مون اوف الباما 27/12/2019
من غير المستبعد أن يودي التدخل التركي في ليبيا إلى أزمة دولية كبرى، فلكل جانب في الحرب “الأهلية” في ليبيا العديد من المؤيدين الدوليين. وتخطو تركيا الآن خطوات سريعة لنقل القوات والمعدات إلى ليبيا، إذ أعلن الرئيس التركي، مؤخراً أن تركيا ستقدم مشروع قانون لإرسال قوات إلى ليبيا بمجرد استئناف البرلمان.
تدعم مصر والإمارات المتحدة وروسيا والعديد من دول أوروبا الغربية القوات المناهضة للإخوان المسلمين، كما تدعم خليفة حفتر الذي يسيطر على معظم الأراضي الليبية.
وفي المقابل، تدعم قطر وتركيا الميليشيات الليبية المتحالفة مع الإسلاميين، كما تدعمان فايز السراج الذي يسيطر على جزء صغير من طرابلس ومصراتة، وهو الذي حصل على دعم من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، لكن عدم إحرازه تقدم، منذ تشكلت حكومة الوفاق الوطني في العام 2016، أضعف سلطته ودعمه الدولي.
في العام 2011، بعد أن دعم الناتو الإسلاميين لتدمير الدولة الليبية، تم نقل العديد من هؤلاء المقاتلين إلى سورية لتدميرها، كما تم نقل أسلحة من ليبيا عبر تركيا إلى سورية لدعم “الإرهابيين” ضد الحكومة السورية.
واليوم تقوم تركيا بإعادة الإرهابيين والأسلحة إلى ليبيا، إذ سينضم قريباً الإرهابيون المدعومون من تركيا في سورية إلى قوات الحكومة الليبية في المعركة ضد الرجل القوي خليفة حفتر.
ويرى كبار المسؤولين في ليبيا وتركيا، أنه من المتوقع أن تعزز المجموعات الإرهابية التي قاتلت إلى جانب تركيا في شمال سورية، قدرة الحكومة في طرابلس. وكانت تركيا قد استخدمت لواء السلطان مراد -الذي يُعرف عناصره بوحشيتهم- للتطهير العرقي في شمال غرب سورية، إذ قامت بتدريبهم وتسليحهم، وعلمت قادتهم اللغة التركية، ودربت بعضهم على استدعاء الدعم الجوي، واليوم يقوم الضباط الأتراك بتدريب مجموعات أخرى لإرسالها إلى ليبيا.
تقدم تركيا وقطر مبالغ كبيرة نسبياً لتجنيد المزيد من المجموعات “الإرهابية” في سورية لإرسالها إلى ليبيا، وقد أكدت بعض المصادر أن الفصائل المدعومة من تركيا تجتذب الشباب للانضمام إلى الحرب في ليبيا إذ تقدم لهم إغراءات ورواتب مجزية تتراوح ما بين 1800 و 2000 دولار أمريكي لكل عنصر شهرياً، بالإضافة إلى تقديم خدمات إضافية يضمنها البلد المضيف.
وفي الوقت نفسه، يحرز الجيش السوري تقدماً كبيراً في حملة تحرير إدلب، التي انطلقت في المناطق التي تسيطر عليها “هيئة تحرير الشام” التابعة لتنظيم “القاعدة” حيث تم تحرير ما يزيد على 40 قرية إلى الآن. الأمر الذي جعل الجولاني يصدر بياناً يحث مقاتليه على الجهاد: ” نحن أمام معركة كبيرة، نيابة عن عالم منافق أراد ذات يوم تدمير الاتحاد السوفييتي ومواجهة الطموحات الإيرانية”.
يمكن فهم الجزء الأخير “نيابة عن عالم منافق” على أنه دعوة جديدة للرعاة من كل مكان لدعم تنظيم “القاعدة” في معركتها في إدلب.
وكان الجولاني قد رفض في السابق مساعدة “المجموعات الإرهابية” المرتبطة بتركيا، إذ خشي من أن يعرّضوا مركزه المهيمن في إدلب للخطر. إنه يبحث عن مجندين جدد مدينون له بالولاء. في الحقيقة، من غير المرجح أن تلقى دعوته استجابة للتعويض عن الخسائر التي يتعين على قواته الحالية تحملها. ومن المؤكد أنه لن يكون لاحتجاجات الجولاني أي تأثير على حملة إدلب، فالعملية السورية لتحرير إدلب لن تتوقف حتى يتم تحريرها بالكامل