اقتصادصحيفة البعث

كفاءة النهوض..؟!

ليس بخاف عن معظمنا، أن كل ما يتم إنتاجه في سورية من سلع مختلفة، سواء كانت زراعية أو صناعية وحتى خدمية، تأخذ طريقها للتصريف المباشر والسريع، أي أنها مسوقة حكماً، نظراً لعدة نقاط أهمها: تعطش السوق المحلي لتلك السلع والمنتجات، وعدم توفر البديل المستورد، الذي وإن توفر فليس بمقدور الشريحة الأكبر من المجتمع شرائه، بسبب الفارق الهام في السعر، ما يعني أن عاملاً هاماً هناك وربما حاسماً لناحية “تفضيل” المحلي.
وبرأينا أن هذا يعد ميزة “تنافسية” يجب استثمارها على أكمل وجه، عبر تعزيز المنتج الوطني في القطاعين العام والخاص معاً، على قاعدة التكامل والشراكة لا التماثل والمضاربة في الصناعة، وبشرط إعطاء كل قطاع حقه وحقوقه، وبالمقابل تقديم كل قطاع ما عليه من حقوق وواجبات تجاه الدولة عامة والخزينة خاصة.
إذ لم يعد الوضع مقبولا أبداً، أن يظل القطاع الخاص يدفع ١٥% ضرائب، رغم أنه يشكل ما نسبته ٧٨% من الاقتصاد السوري.!، وفوق ذلك يمتنع عن تسجيل عدد العمالة الحقيقية العاملة لديه في التأمينات الاجتماعية، ناهيكم عن تعمد إخفاء مقدار الرواتب الحقيقية للعاملين فيه..!؟.
نؤكد لم يعد هذا الوضع مقبولا، لأن كم الأرباح التي بات يحققها حالياً أكبر بكثير عما كان يجنيها قبل الأزمة، نتيجة لنوع من الاحتكار القائم بحكم الواقع والأوضاع الراهنة، علماً أننا لا ننكر زيادة التكاليف لديه، لكنها زيادة ومهما بلغت لا يتحملها هو بل المستهلك.
وبالعودة للميزة، نرى أن على القطاعين ومن ورائهما الحكومة، العمل على تمكين المنتج الوطني من خلال تلبية متطلبات الصناعة الوطنية، وخاصة التمويلية، لإدخال التقنيات الحديثة، التي تقود إلى دعم الاتجاه نحو تعظيم القيمة المضافة للحدود التي تؤدي لانعكاسها إيجابيا على الاقتصاد الوطني، نتيجة لتنامي القدرة التنافسية في السوق الإقليمية ومن ثم العالمية.
قدرة مؤكدة، حيث سيكون لانخفاض سعر صرف الليرة أمام الدولار، وانخفاض التكاليف، ورخص اليد العاملة والأسعار، والزيادة في تحقيق اشتراطات الجودة، مقارنة مع الغير، أثر بالغ لناحية المنافسة القوية للمنتج الوطني في الأسواق الخارجية، ما سيزيد حكماً القدرات التصديرية، وبالتالي زيادة الإيرادات لاسيما من القطع الأجنبي.
ونعود للتأكيد بأن الأرض الصلبة لتحسين وضع الليرة السورية محصورة بتحريك الإنتاج المادي الفعلي، وأي إجراء آخر مهما كان يبقى إجراء مؤقتاً. لذا لا بد من توجيه الجهود والإمكانيات لتعزيز قدرات الإنتاج الوطني بكافة قطاعاته، لأنها الأرضية الصلبة التي يبنى ويعتمد عليها .
ولأجل ما سلف، نحن الآن بأمس الحاجة لتطبيق ما يسمى “كفاءة النهوض”، وهو مصطلح جديد، يعتمد على كوادر يمتلكون هذه الكفاءة، وللعلم أن اليابان وأمريكا – مثلا- أصبحتا تجريان مسابقات لاختيار كوادر لديهم كفاءة النهوض، لإحداث فوارق جوهرية في الاقتصاد؛ والسؤال: هل ننحو بهذا الاتجاه “النهضوي” بامتياز، الذي لا يعترف إلاَّ بالكفاءة والكفاءة فقط.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com