صحيفة البعثمحليات

من قياس الكفاءة السريرية إلى الفوضى وسوء التحضير!! لغط وحلول تسترضي الطلاب في امتحان “الأوسكي”في كلية الطب البشري !!

 

في وقت نحن مقبلون فيه على إعادة الإعمار وترميم المؤسسة الجامعية بعد كل ما تعرّضت له من انتكاسات، يفاجئنا القيّمون على كلية الطب، “أقدم كليات الطب العربي – والكلية الأم لجامعة دمشق” بعجزهم عن إيجاد حل لمشكلة تعرّض لها الطلاب أثناء تقديم امتحان العملي السريري (الأوسكي)، تتمثّل بسوء الطباعة الناتجة عن عدم توفر طابعات ملونة فضلاً عن مشكلات أخرى تتعلق بسوء تنظيم القاعات الامتحانية وإشكالية عديد الأسئلة المتضاربة، ليتبيّن فجأة أن الكلية غير مستعدة أبداً على الرغم من أن هذا الامتحان أخذ حقه في النقاش على ما يبدو، إذ يفترض أن الجميع مستعدّ له من كل جوانبه، وخاصة أن كل المفاصل الجامعية أقرّت ضرورة العودة للعمل بهذا الامتحان، بعد أن تم إيقافه لنكون أمام خيار من العيار الثقيل وهو سوء التحضير في الوقت العصيب جداً عشية الامتحانات.

فاشلة.. مؤجلة
من دون إنذار يكتشف الطلاب أنهم غير مستعدين لخوض غمار تجربة من هذا القبيل بالشكل السليم، حتى إن الهيئة التدريسية والامتحانية نفسها لم تحضّر نفسها له، لتحدث المشكلات في داخل القاعات مع بدء الامتحانات ويحدث الهرج والمرج وتطرح الكثير من الأسئلة التي لا أجوبة عليها، إضافةً إلى عدم قدرة أحد على التعاطي معها وتغيير بنية الامتحان من عملي إلى نظري، ما يؤكد أن الموضوع تم إنجازه كما يقال بالعامية “سلوقة” وعن عدم دراية بماهية الامتحان نفسه الذي يطلق عليه “الأوسكي”، ما أدّى إلى حدوث لغط كبير، وبالتالي الوقوف أمام مخرج وحيد هو تقاذف المسؤوليات، واتخاذ إجراءات من فئة “على عجل” فاقمت المشكلة لدرجة أننا كنا أمام أسبوع حافل بالحلول الترقيعية وأنصاف المجتزئة، لتنتهي بالفشل الذريع إزاء قضية هي على غاية من المسؤوليات العلمية وأمام كلية يفترض أن يكون فيها هامش الخطأ قليلاً نسبياً.
خلال أسبوع كامل وفي سباق مع الخطوات المؤجّلة من يوم إلى آخر، لم تستطع عمادة الكلية حل المشكلة منذ حدوثها في أول يوم امتحاني رغم حساسية القضية، فالحل لا يكون عبر التلفونات، حيث كان من المفترض أن يعقد اجتماع من المختصين، وما يدلّ على أن اجتماعات المفاصل الأساسية كانت منقوصة خروجها بنتائج مبتورة، مع الاكتفاء فقط بالتنديد والشجب والتهديد بمحاسبة الطلاب وإحالتهم إلى لجنة الانضباط.
تخبّطات الأوسكي
في مضمار تطبيقات طريقة الأوسكي المسبوقة ومن ثم إلغاؤها لأسباب غير مفهومة، ثمة آلية للامتحان تعتمد على قياس مهارات الطالب العملية السريرية فقط، وليس قدرته على حفظ المادة النظرية، يقول أهل الاختصاص إنه يجب أن تكون جميع الأسئلة متعلقة بالمهارات السريرية حصراً، أما ما حدث، وحسب توضيح أحد الأساتذة والكثير من الطلاب، هو أن أغلب الأسئلة كانت نظرية وموقعها هو الامتحان النظري، بالإضافة إلى أمر آخر مهم وهو غياب التنظيم وما يدلل على ذلك تلك الفوضى التي حصلت منذ اليوم الأول للامتحان الذي كما وعد عميد كلية الطب البشري الأستاذ نبوغ العوا في أحد تصريحاته أنه سيتم التدارك في اليوم التالي، وهذا ما لم يحدث أصلاً على الرغم من اعترافه، بحدوث أخطاء في حينها.

الأقل حضارة
الدكتور العوا اعتبر في معرض ردّه على استفسارات “البعث” أنه لا يتحمّل خطأ رئيس قسم أو أستاذ ما، فالاقتراح كان في البداية تطبيق فحص الأوسكي النظامي عن طريق دخول الطلاب إلى محطات عبارة عن مجاهر أو سلايدات، وكل طالب يقف عندها حوالي أربعين ثانية ثم ينتقل إلى المحطة التي تليها، وهكذا يجيب الطالب على عشرين سؤالاً بسرعة ثم يأخذ الطالب العلامة التي يستحق دون نقل، لكن ما حدث هو أن رؤساء الأقسام رفضوا، لأنهم سيضعون أسئلة متكررة بسبب وجود حوالي ألف طالب، ما اضطرّنا -والحديث ما زال للعوا- إلى أن نلجأ إلى هذا الأسلوب الأقل حضارة ونظاماً، وتم الاتفاق على وضع الأسئلة عن طريق صور مطبوعة، شرط ألا تكون ملوّنة، لأن آلات السحب بالكلية بالأبيض والأسود، وما حدث هو أن بعض رؤساء الأقسام وضعوا صوراً ملوّنةً، فكانت النتيجة كما رأينا أن (الصور غير واضحة أبداً)، ولامتصاص نقمة الطلاب –يضيف عميد الكلية- قمنا بحذف الأسئلة التي تحتوي صوراً غير واضحة، إضافة إلى إعطائهم فرصة أخرى في حال كان هناك سؤال فيه إجابة أقل من عشرين بالمئة، سيتم حذفه واعتبار الإجابة صحيحة، وبهذه الحالة نكون قد ساعدنا الطلاب كثيراً.
وهذا حسبما يرى الدكتور العوا أكثر ما يستطيع تقديمه للطلاب، وبرأيه: الطلاب كثيراً ما يبالغون، وهم لا يبدون الجدية المطلوبة، والحديث عن نقص في بعض القاعات في الأوراق أمر طبيعي لا يحتاج إلى هذا التهويل، وطبعاً تم حذف مادة “النسائية” التي قدمها الطلاب يوم الخميس بسبب الأخطاء الكارثية فيها، وتم تحديد موعد آخر لها، علماً أن المادة (12- ب) في قرار مجلس التعليم العالي رقم 90 (اللائحة الداخلية لكليات الطب)، تؤكد أنه لا يحق لطلاب السنتين الرابعة والخامسة التقدم للامتحان النظري، إلا إذا اجتازوا جميع الامتحانات السريرية؟.

رضا المسؤول
بالعموم هي قضية يتفق كل من عايشها أنها تحمل طرق معالجة قائمة أولاً وأخيراً على رضا المسؤول المباشر بعيداً عن أي تطبيق دقيق، ولو حتى من بعيد، للمعايير العلمية التي من المفترض أن تكون سائدة مع مثل هذه القضايا، لأن أسلوب التعاطي مع المشكلة تراوح بين التحايل على الموضوع وإغراق الأوراق وحذف أسئلة، وصولاً إلى استرضاء الطلاب، الذين طالما تساءلوا: أين المانع من حل الأمور دون ابتداع تسوية مع الطلاب، ولملمة المشكلة دون مخالفة المعايير والقواعد كما حصل مع إجراءات وخطوات عمادة الكلية. وهل من المنطق أن تلجأ الجامعة العريقة إلى حلول استرضائية تفرض “تبويس اللحى”، وصولاً إلى أن ينجح كل الطلاب بالتراضي وهو ما مثّل المعالجة بـ”الكي” في كلية الطب؟!.
لينا عدرة