دراساتصحيفة البعث

غزة 2020.. المزيد من المعاناة

 

ترجمة: هيفاء علي
عن موقع “اوي فرانسيه” 12/1/2019
يبدو أن ذاكرة “غوغل” تعاني الفقدان بعد الذي حدث قبل أكثر من شهر بقليل في دير البلح في قطاع غزة. للتذكير، في 14 تشرين الثاني الماضي، قام طيران الكيان الإسرائيلي بإلقاء قنبلة تزن طناً واحداً على مبنى ينام فيه ثمانية أفراد من العائلة نفسها، خمسة منهم كانوا أطفالاً.
حاول الجيش الإسرائيلي في البداية أن يكذّب الخبر للتهرّب من المسؤولية عن مذبحة عائلة الصواركة التي توفي أحد أفرادها متأثراً بجراحه، ليصل العدد الإجمالي إلى تسعة ضحايا، زاعماً أن المبنى كان مركز قيادة لوحدة إطلاق صواريخ الجهاد الإسلامي في وسط قطاع غزة. لم تتصدّر هذه المجزرة عناوين الصحف في الغارديان أو النيويورك تايمز أو واشنطن بوست!.
هذا هو الوضع في غزة اليوم: حصار وحشيّ لسكان منسيين يعيشون في ظروف مأساوية، ووفقاً لتوقعات الأمم المتحدة في عام 2012، ستجعل هذا القطاع غير صالح للسكن بحلول عام 2020.
الفرق اليوم هو أن القادة الإسرائيليين لم يعودوا يشعرون بالحاجة إلى إخفاء أفكارهم عن غزة. مثلما فعل غانتز، منافس نتنياهو، يقولون بصوت عالٍ ما قالوه ذات مرة أو فكروا فيه على انفراد. سراً، لم يتوقف رؤساء الوزراء الإسرائيليون عن التواصل مع حماس عبر وسطاء، خاصة حول تبادل الأسرى. وكان توني بلير، مبعوث اللجنة الرباعية السابق للشرق الأوسط قد شارك في دبلوماسيته الخاصة وعرض على حماس ميناءً بحرياً ومطاراً مقابل إنهاء الصراع مع إسرائيل لكنه لم ينجح.
معبر رفح الحدودي هو الصنبور، فقط أغلقه لممارسة ضغوط سياسية على حماس من خلال حرمانها من الوصول إلى الرعاية الطبية المناسبة، وبمجرد فتحه يتمّ تخفيف الضغط على نزلاء هذا السجن الكبير.
السلطة الفلسطينية نفسها هي اللاعب الثالث في الحصار. وفقاً لحماس، منذ نيسان 2007، خفضت السلطة الفلسطينية من رواتب موظفيها في غزة، وأجبرت 30000 من موظفيها على التقاعد المبكر، وقلصت عدد التصاريح الطبية الممنوحة للعلاج في الخارج، كما قلصت الأدوية والمستلزمات الطبية.
تخيّل ردّة فعل المجتمع الدولي إذا لاحظنا ذلك في هونغ كونغ أو نيويورك، وهما إقليمان آخران مكتظان أيضاً، معدل بطالة قدره 47٪، ومعدل فقر قدره 53٪ ومعدل وفيات الرضع من 10.5 حالة وفاة لكل 1000 ولادة حية، هل سيلتزم الصمت ويقف متفرجاً كما يفعل مع غزة؟!.
لقد اعتاد المجتمع الدولي على إفلات إسرائيل من العقاب وإخلاء مسؤولياتها عن العقوبات الجماعية والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، لكن الحقيقة اليوم هي أنه يجب بالتأكيد اعتبار قطاع غزة وصمة عار إنسانية على ضمير العالم. فقد ساهمت جميع الحكومات الغربية في معاناته، جميعها متواطئة بعمق في تجربة لا إنسانية: كيفية إبقاء أكثر من مليوني شخص على مستوى الكفاف الذي تعتبره الأمم المتحدة غير محتمل وغير قابل للحياة دون دفعهم إلى الموت. ما الذي يجب القيام به لتغيير هذا؟ وما المدة اللازمة لإزالة هذه المأساة؟ متى ستحرك غزة واللاجئون ومعاناتهم اليومية الضمير العالمي؟.