دراساتصحيفة البعث

لا مكاسب للولايات المتحدة من تغيير سياستها تجاه الصين

ترجمة: عناية ناصر
عن موقع غلوبال تايمز 10/1/2020
كان عام 2019 العام الذي سعتْ فيه الولايات المتحدة إلى إعادة بناء علاقاتها مع الصين. أولاً، كانت الولايات المتحدة تؤكد فرضية سياساتها تجاه الصين، من الرئيس السابق بيل كلينتون إلى باراك أوباما، حيث اعتادت واشنطن أن تعتبر التعايش مع الصين الصاعدة شرطاً مسبقاً، لكن منذ تولى دونالد ترامب منصبه، قام بتغيير هذه الفرضية الودية نسبياً إلى مبدأ عدائي، فقد أصبحت محاولة إبطاء تنمية الصين ومنع البلاد من تجاوز الولايات المتحدة هي الهدف الحقيقي لسياسته تجاه الصين.
ثانياً، أعادت الولايات المتحدة في صياغة علاقاتها مع الصين، الأخذ في الاعتبار العلاقات الاقتصادية والتجارية كنقطة تحوّل، وكذلك بذل المزيد من الجهود في الدبلوماسية والأمن والسياسة والثقافة. وكانت الأدوات الرئيسية في إعادة هيكلة الروابط الاقتصادية والتجارية حرب التعريفات والتكنولوجيا والتمويل.
خلال عام 2019، شهدت الحرب التجارية التي شنّتها الولايات المتحدة ضد الصين العديد من مراحل الصعود والهبوط. وقد وصل عدد المنتجات التي فرض عليها الجانبان رسوماً إلى نطاق غير مسبوق. ومع الحرب التقنية المتصاعدة ضد الصين، أضافت وزارة التجارة الأمريكية شركة هواوي و70 شركة تابعة لـ”قائمة الكيانات” الخاصة الخاضعة للمراقبة. علاوة على ذلك، فقد تمّ إدراج الصين كمتلاعب بالعملة من قبل وزارة الخزانة الأمريكية.
في عام 2019، كانت ما يُسمّى عمليات حرية الملاحة الأمريكية في بحر الصين الجنوبي أكثر عدوانية. وكانت مبادرة “الحزام والطريق” التي اقترحتها الصين تتعرّض للحصار والتشويه من قبل الولايات المتحدة، وتهدف إستراتيجية الهند- المحيط الهادئ الأمريكية إلى مواجهة مبادرة “الحزام والطريق” في الصين. إضافة إلى ذلك، صعّدت الولايات المتحدة من حربها مع الصين، سياسياً وأيديولوجياً، واستمرت في مهاجمة النظام السياسي في الصين.
عندما يتحدث بعض الصقور داخل إدارة ترامب عن المنافسة بين الصين والولايات المتحدة ، فإن ما يريدون فعلاً هو المواجهة والصراع.
وبالفعل فإن العديد من آليات الحوار على مستوى العمل التي أنشئت خلال إدارتي جورج دبليو بوش وأوباما لم تعد تعمل. والآن تلجأ واشنطن إلى التجارة والحروب التكنولوجية والمالية وكذلك العقوبات. فإلى أي مدى يمكن أن تذهب الولايات المتحدة بهذه الطريقة؟.
أولاً، يعتمد ذلك على مقدار الثمن الذي ترغب الولايات المتحدة بدفعه، فالمنافسة، والانعزال، والمواجهة، وعدم التعاون، كل ذلك يأتي بثمن. لقد أثّرت الحرب التجارية التي شنّتها الولايات المتحدة ضد الصين على الصناعات الزراعية والصناعية الأمريكية وأجبرت المستهلكين على دفع المزيد، في حين أن الحرب التكنولوجية وضعت صناعة التكنولوجيا الفائقة في الولايات المتحدة تحت خطر فقدان السوق الصينية. أما زيادة التنافس العسكري مع الصين فيعني زيادة كبيرة في الإنفاق العسكري الأمريكي. وسيؤدي تقييد التبادلات بين الصين والولايات المتحدة أيضاً إلى خسائر في الجامعات والمؤسسات البحثية الأمريكية. في الواقع، مع تزايد الآثار السلبية لسياسة إدارة ترامب تجاه الصين بشكل متصاعد، ازدادت الشكوك حيالها داخل الولايات المتحدة. وعلى الرغم من توصل النخب الأمريكية عموماً إلى توافق في الآراء بشأن اتخاذ موقف أكثر تشدداً ضد الصين، إلا أنه لم يتمّ التوافق بعد على مقدار الثمن الذي يمكن أن تدفعه الولايات المتحدة.
ثانياً، العلاقات الصينية الأمريكية هي نتاج تفاعلات ثنائية، ولا يمكن أن تقرّرها الولايات المتحدة من جانب واحد. وفي مواجهة الضغوط الأمريكية المتزايدة، تستكشف الصين طرقاً أكثر فاعلية للردّ، ويبدو أن بكين ليست خائفة من المنافسة.
أخيراً، فإن مواقف المجتمع الدولي وحلفاء الولايات المتحدة مهمة. إن السياسة تجاه الصين وغيرها من السياسات الخارجية لإدارة ترامب لا تهدف فقط إلى تحقيق أقصى قدر من المصالح الأمريكية، ولكن تتسم أيضاً بالحمائية والأحادية، وقد أضرّت الحرب التجارية ضد الصين بالسلاسل الصناعية والقيمة العالمية، مما قوّض مصالح الدول الأخرى بما فيها حلفاء الولايات المتحدة!.