اقتصادصحيفة البعث

لقد طال الأجل كثيراً..!؟

 

هذه المرة قالها رئيس مجلس الوزراء نفسه نحن: “هناك ملفات ضريبية متراكمة، وأسماء لأصحاب شركات ورجال أعمال، ما يؤكد أن هناك خللاً معيناً، وهناك من يحميهم، وهذا أمر مرفوض قطعاً، ولا نقبل النقاش فيه، فمرجعية الضرائب يجب أن تكون حقيقية ونزيهة، وبعيدة عن المحسوبيات”..!؛
وكنا كتبنا (2018) معلّقين على ما صرّح به مدير التشريع الضريبي في الهيئة العامة للضرائب والرسوم، حين أعلن “أن عشرين بالمئة هي نسبة الارتفاع في إجمالي التحصيلات الضريبية في سورية للعام المذكور، عما كانت عليه في سابقه، أي 2017، حصَّلتها الدوائر المالية مع نهاية السنة المالية الحالية”: إن تلك النسبة في أغلبها ترجع لتراكم ضريبي، وليست تحصيلاً جديداً.
اليوم وبما كشفه الرئيس بطريقة التلميح، وكان خلال اجتماع عقد في السابع من الشهر الجاري في رئاسة مجلس الوزراء، لمعالجة ملف التراكم الضريبي، نؤكد مجدداً أن التراكم الضريبي ملف من العيار الثقيل، وحسناً فعل الرئيس -رغم تأخره بهذا- بأن أعطى الضوء الأخضر لإنجازه.
وإن ما تسنَّى للجنة السرية المكلفة التحقيق فيه، الوقوف على حقائقه المخفية، فإننا نراهن على أن وزارة المالية ورئاسة الوزراء نفسهما، ستكتشفان العجب العجاب..، والأيام بيننا.
وكمؤشر بسيط للدلالة على كم التراكم الضريبي..، وأن رهاننا ليس عبثياً بل من صميم الواقع -ننقل مثلاً لا حصراً- ما أخبرنا به أحد الأطباء..، وحاول طلب المساعدة الشخصية فيه لرفع ظلم يدعيه في تكليفه ضريبياً؛ الطبيب (ودون الخوض في التفاصيل المؤلمة مع دوائر الاستعلام الضريبي في منطقته)، فوجئ وبعد خمس سنوات أنه مكلف ضريبياً، وأن عليه دفع مليون ليرة سورية..!.
ما حدث مع الطبيب، عيّنة بسيطة من عينات لسلاسل تراكم ضريبي مزمن، وفي مختلف المستويات بدءاً من صغار المكلفين وانتهاء بكبارهم..، وهذا ليس فقط في ملف التراكم، بل أيضاً في ملف التهرب الضريبي، الذي يُغطى بمعية أصحاب النفوس الضعيفة من موظفي الدوائر المالية المعنية..، ممن وحتى تاريخه يسرحون ويمرحون على هواهم..!.
المفارقة أن المتهرّبين ضريبياً ينعمون بتهرّبهم المغطى..!، بينما الملتزم الذي يسعى لتكليف نشاطه ويذهب بقدميه –كما يقال- للدوائر المالية، لإنجاز تكليفه وإعطاء الدولة والخزينة حقَّهما..، “يدوخ الخمس دوخات” لإنهاء معاملاته بين طوابق وغرف وأدراج المالية..!، وليت الأمر يقف عند هذا الحد، وإنما يدفع قيمة إيصالات (يمتلكها) كان دفعها، لأن الموظف المعنيّ لم يدخلها إلى الحاسب..!، والأنكى أن عليه دفع المعلوم جهاراً نهاراً، وإلاّ..!؟.
لا نبالغ بأي حرف كتبناه هنا، وهذا غيض من فيض ما يحدث في الأروقة المالية، ربما يختزل ما يجري، ويعكس كم الصعوبة في الوصول إلى قوانين وأنظمة وآليات ضريبية شفافة وواضحة وسهلة، تساعد المكلفين الشرفاء على إنجاز معاملاتهم دون معاناة وابتزاز رخيص، وتضع حدّاً للمهملين والفاسدين من الموظفين الذين يغطون التراكم والتهرب..!.
ولعل وعسى أن يكون تلميح رئيس مجلس الوزراء، بداية حقيقية لإنهاء الهدر الهائل في التحصيلات المالية الواجبة الدفع عاجلاً ..، فقد طال الأجل كثيراً…!.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com