اقتصادصحيفة البعث

البنك الدولي يحذّر من انفجار أزمة ديون الاقتصادات الناشئة

يؤكد تقرير للبنك الدولي أن العالم ينوء الآن تحت أعباء الديون أكثر من أي وقت مضى، وأن الوضع مقلق للغاية. فالقروض العامة والخاصة (على الشركات والأفراد) تبلغ نسبتها إلى الناتج الاقتصادي العالمي 230% كما في نهاية 2018، وأكثر من ذلك حالياً. وفي الأسواق الناشئة وحدها تبلغ نسبة الديون إلى الناتج 168%، ويساوي ذلك 55 تريليون دولار، علماً أن النسبة كانت 114% قبل 8 سنوات، وتسارع تفاقم الدين يسجل -أو يلاحظ- تحديداً في الصين وعدد من الدول الناشئة الأخرى. ويشير التقرير إلى أن الدول الفقيرة والنامية تلجأ أكثر فأكثر إلى دائنين غير تقليديين، وتخفف اعتمادها على البنوك العالمية منذ ما بعد أزمة 2008، لذا نشهد إقبالاً على الاقتراض من بنوك محلية وإقليمية ومن أسواق المال. فالاقتراض من بنوك صينية ارتفع كثيراً بين 2013 و2017، ويقول التقرير: إن أزمات الديون تتكرر منذ 50 سنة على الأقل. ففي الثمانينيات من القرن الماضي وقعت دول أميركية لاتينية في فخ الديون المتفاقمة وانفجرت أزمات مالية هناك، ثم في التسعينيات تكرّر الأمر في دول آسيوية. لكن تلك الأزمات بقيت في نطاقها الإقليمي وتداعياتها محصورة جغرافياً وقطاعياً. أما الأزمة التي يحذر منها البنك الدولي حالياً فيمكن أن تحمل تداعيات عالمية، لأن اندماج الاقتصادات الناشئة بالاقتصاد العالمي زاد كثيراً في العشرين سنة الماضية. ففي 2008 انفجرت أزمات الديون عالمياً انطلاقاً من الولايات المتحدة وكان للدول الناشئة نصيب من التداعيات. ويحذر التقرير من أزمة جديدة، فمنذ عام 2010 تنمو القروض بنسبة 7% سنوياً، أي بمعدل أعلى من نمو الناتج الاقتصادي العالمي. لكن انخفاض معدلات الفائدة يؤجل انفجار فقاعة الديون التي تتشكل بسرعة قياسية. ومع عودة الفوائد إلى الارتفاع يظهر شبح الأزمات من جديد في الأفق القريب، ويحذر البنك الدولي من أزمة مقبلة، فكثير من الدول الفقيرة أو غير المرتفعة المداخيل تقترض من دول غير منضمة إلى نادي باريس، وهو المحفل الذي يضم دولاً ودائنين عامين يجتمعون دورياً بهدف إيجاد حلول منسقة ومستدامة لمشكلات السداد التي تواجهها الدول المدينة. والمقصود بـ”غير المنضمة” يعود على الصين بالدرجة الأولى، ففي كثير من القروض التي تمنحها الصين وبنوكها، وحتى شركاتها العامة، بنود تخفي الحجم الحقيقي للالتزام الذي تواجهه الدول المقترضة، وعند التعثر تظهر مشكلات تعرقل خطط هيكلة الديون. فالقروض الممنوحة من الصين لعدد من الدول الفقيرة أو النامية فيها شروط تبقى سرية مثل وضع اليد على ممتلكات ومداخيل في حال التخلف عن السداد. وهناك نقطة سوداء أخرى تتمثل في أن الدول التي تزيد أعباء الديون عليها لا تتوسع، أو لا تستطيع التوسع في الإنفاق الاستثماري العام المحفز للنمو الاقتصادي، لا بل إن في بعضها تراجعاً لذلك الإنفاق في وقت تنمو فيه الديون بشكل مقلق. والخطر كبير في الاقتصادات الناشئة، لأن 75 % من تلك الدول تسجل عجوزات في موازناتها، علماً أن ديونها بالعملات الأجنبية مرتفعة. أما عجوزات موازينها الجارية فهي أكبر 4 مرات مما كانت عليه في 2007، وفي هذا الجانب يحذر البنك الدولي أيضاً، داعياً إلى التحرك بسرعة لمعالجة الاختلال قبل أن يتفاقم وتنفجر الأزمات.
وينصح بشفافية أعلى على مستوى الديون التي يعتقد أن أرقامها المعلنة لا تعبّر بدقة عن حقيقتها، وينصح أيضاً بإدارة صارمة للسياسات النقدية والمالية ورقابة مشدّدة على القطاع المالي.