تحقيقاتصحيفة البعث

استثمار مفيد صفحات التواصل الاجتماعي.. ثقافة طبية ومحاولات علاجية ناجحة

 

لا تتردد ميادة، الطالبة الجامعية، في نصح والدتها بأخذ قطرة عينية من نوع “تيرموند” لمعالجة حساسية أصابت عينيها، واستمرت لأكثر من يوم، تعرف الفتاة جيداً خواص هذه المادة الدوائية، وقرأت عنها في أكثر من موقع طبي قبل أن تصفها دون مشاورة طبية أو وصفة مسبقة للأم المريضة، تقول ميادة: لا آثار جانبية لتلك القطرة، وتستخدم كمحلول مرطب لاحتوائها مادة “الغليسيرين” مع مواد مرطبة أخرى، وفي حالات جفاف وحساسية للعينين لعوامل الجو، ويمكن شراؤها دون وصفة طبية، وتكمل: رغم ابتعاد مجال دراستي عن الجانب الطبي أو الدوائي (كلية التربية)، إلا أن اهتمامي ومتابعتي المستمرة لمنتديات طبية على صفحات الأنترنت حفزا لدي هذه الثقافة، لدرجة أصبحت أمتلك فيها خبرة كافية لأنصح أحدهم بعلاج أو دواء لمشكلة معينة، وغالباً ما يسألني الكثير من الأصدقاء عن علاج أو دواء لمرض معين، أو مشكلة طبية ما.
بطريقة مشابهة أيضاً يكتب محمود، شاب في المرحلة الثانوية، بعض الأسئلة على صفحات موقع طبي متخصص، مستفسراً عن طرق علاج أو أدوية مفيدة في حالة والده المصاب بمرض في الكلى، ويشرح: إجابات هذه الأسئلة تأتي من أطباء مختصين، وغالباً ما تغنينا عن زيارة الطبيب، ودفع أجرة المشاورة الطبية المرتفعة التي وصلت في أيامنا هذه إلى ما يزيد عن ثلاثة آلاف ليرة لدى بعض الأطباء.
التداوي بالأعشاب
تفضل أم سارة (ربة منزل) الاعتماد على التداوي من خلال استخدام الأعشاب الطبية غير الضارة، وتقول إنها تحتفظ على جوالها بموسوعة للأعشاب الطبية تستطيع من خلالها قراءة الفائدة الطبية لكل عشبة، وطريقة استخدامها وتحضيرها لعلاج مرض معين، وتكمل: العلاج بالأعشاب مفيد ومجد، واستخدمه آباؤنا وأجدادنا في علاج مشكلات صحية كثيرة، لكن نقص ثقافتنا واهتمامنا بهذا العلم زاد بعدد الأمراض، وجعل اعتمادنا يتزايد على الأطباء وأدويتهم الكيميائية.
ويبدو أن انتشار ووجود كثير من المواقع الطبية والبرامج المختصة بتقديم النصح والمشورة لطالبيها بالتزامن مع الأجور المرتفعة للأطباء، عزز لدى الكثيرين ثقافة الطبيب المنزلي الذي يبحث عن طرق علاج الكثير من الأمراض، والأدوية المناسبة لها، واللافت أن هناك برامج متنوعة انتشرت على الهواتف الذكية عبارة عن موسوعات طبية تستطيع من خلالها تحديد نوع المرض واسمه والعلاج المناسب له، ويتم تحديثها باستمرار بالمعلومات المستجدة عن طريق ربطها بشبكة الأنترنت، وكان مثيراً للاهتمام أيضاً ما سمعناه عن وجود برامج تستطيع من خلال تنزيلها على أجهزة الهواتف الذكية قياس ضغط الدم، أو عدد ضربات القلب، إضافة إلى برامج أخرى يستطيع المستخدم من خلالها وضع جدول زمني للالتزام بحمية صحية معينة، أو ببرنامج رياضي مثلاً من خلال وجود مدرب افتراضي يحدد نوع الغذاء، أو عدد التمارين الرياضية المطلوبة ونوعها: (مشي، ركض، تمارين سويدية، إلخ).
تطوير المعلومات الطبية
في المقابل لا يرى د. محمد السليم، اختصاصي داخلية، أية خطورة في تطوير المعلومات الطبية لدى أي من المرضى أو المهتمين من خلال البحث والاستفسار عن مشكلة طبية معينة على صفحات الأنترنت، لكنه يحذر في الوقت نفسه من أن هذا الأمر يتطلب خبرة كافية وحذراً، فالمواقع الالكترونية قد تتحدث عن حالة مرضية معينة لا تماثل بالضرورة الحالة التي يعاني منها المريض أو السائل، وكذلك فإن الأشخاص القائمين على تلك المواقع ربما تنقصهم الخبرة أو المعرفة في التشخيص، وحتى المريض نفسه قد لا يستطيع شرح حالته المرضية بشكل جيد وكاف، لذلك فالفحص الطبي والمعاينة أمر لابد منه مهما بلغت درجة الحرفية في تلك المواقع أو للقائمين عليها أو الباحثين عنها، وتكون المشورة غير المباشرة مفيدة فقط في بعض الحالات، ويؤكد الصيدلي أسامة هناوي على ضرورة وجود وصفة طبية قبل صرف أي دواء، ويقول: نتغاضى في بعض الأحيان عن تقديم بعض الأدوية التي لا آثار جانبية لاستخدامها كأدوية الرشح والسعال، والمضادات الحيوية، والفيتامينات، لكننا في المقابل لا نستطيع صرف أدوية قد يسبب استخدامها دون وصفة طبية ضرراً، وتضعنا أمام مساءلة أخلاقية وقانونية نحن كصيادلة بغنى عنها، ويختم: نحن كصيادلة نقوم أيضاً بهذا الدور (دور الطبيب المنزلي)، فالكثير من الأشخاص يأخذون مشورتنا بعلاج مرض معين أو الدواء المناسب له، ولا أتردد شخصياً في تقديم النصح المجاني لأي سائل.

البعث