تحقيقاتصحيفة البعث

بسبب عدم النوم تراجع في الأداء الوظيفي والمستوى العلمي.. واضطراب في الصحة والعلاقات الاجتماعية

 

يعتبر الحرمان من النوم ليلاً، أو ما يعرف بالأرق، مشكلة لدى الكثير من الأشخاص، ويعاني هؤلاء إما من عدم قدرتهم على النوم خلال الليل، أو من صعوبة الاستغراق في النوم بما يكفي لاستعادة توازن الجسم لبداية يوم جديد بنشاط وحيوية، كما قد يواجهون مشكلة الاستيقاظ في وقت باكر جداً، مع عدم قدرتهم على معاودة النوم مجدداً، ما يؤدي إلى انخفاض الطاقة الحيوية للجسم، وتعكّر المزاج، كما تضعف الحالة الصحية للشخص المؤرق، ويتراجع أداؤه الوظيفي في العمل، وتختلف ساعات النوم التي يحتاجها الجسم من شخص إلى آخر، لذا لا توجد أرقام رسمية حول عدد معين من الساعات، إلا أن المعدل الطبيعي الذي يحتاجه الشخص البالغ يتراوح من 7-9 ساعات كل ليلة، فيما قد يحتاج الأطفال الصغار والرضع إلى عدد أكبر من ذلك، أما الكبار في السن فقد يحتاجون إلى أقل من هذا المعدل يومياً، وفي حال حدوث حرمان من النوم لعدة أيام أو أسابيع، يكون الأرق حينها حالة مؤقتة، وفي بعض الأحيان إن استمر لعدة أشهر أو سنوات يصبح حالة مزمنة ناتجة عن أمراض أخرى، أو علامة معينة لاعتلال الشخص.

الساعة البيولوجية
قد يتعرّض الشخص لمشكلات في النوم تؤثر عليه كأن يستغرق ساعات قبل الخلود للنوم، أو أن ينام ويستيقظ باستمرار، وقد ينام لساعات قليلة فقط، أو أن يشعر وكأنه لم ينم مطلقاً، الدكتورة النفسية هيام مارديني ترى أن هناك الكثير من الأسباب لعدم النوم كالقلق أو الاكتئاب، والتغيرات الهرمونية عند النساء، وهناك بعض الأشخاص يعانون من عدم النوم أو قلته بسبب تغير المكان، وإذا انتقل من مكان إلى آخر، أو سافر إلى دولة أو مكان ما فإن تغيير الساعة البيولوجية يؤدي به إلى صعوبة النوم، ما يؤثر عليه سلبياً فيفقد القدرة على التركيز، ويصاب بالتعب والإرهاق، كما أن السبب قد يكون عدم أهلية مكان النوم فتكون فيه وسائل التكنولوجيا التي تؤثر على النوم، أو إضاءة غير مناسبة تمنع النوم، وتضيف مارديني: الأرق يعتبر أهم أسباب قلة النوم، وهو ينتج عن أمراض معينة تتعلق بالشخص المؤرق، ما يجعل النوم حالة صعبة جداً، وهناك عوامل نفسية تحدث أحياناً وتؤدي إلى الأرق كالعادات الخاطئة المتبعة في النوم، ونمط الحياة السائد، لكن جميع تلك الأسباب قيد الدراسة لمساعدة المصابين للخلود إلى النوم بشكل طبيعي، واستعادة نشاطهم وحيويتهم، وبالإضافة إلى ذلك فإن التأخر في الذهاب إلى النوم يسبب اضطراباً في ساعة الجسد، وإلى جانب ذلك فإن الذهاب إلى النوم في وقت باكر جداً يجعل الشخص غير جاهز للنوم فيبدأ بالتفكير الذي يشغل باله، لذلك لابد من جعل موعد النوم ثابتاً قدر الإمكان للحصول على نوم هادىء وصحي.

أفكار خاطئة
هناك عدة أنواع من العلاجات السلوكية الفعالة لمشكلات النوم، حيث يستطيع صاحب المشكلة أن يعالج نفسه بنفسه، أو عن طريق اختصاصي، وهنا يؤكد عبد الحكيم دوماني، الاختصاصي في مشكلات اضطراب النوم، على ما يسمى التحكم في المثيرات، وهي قواعد تعيد التكيف والقضاء على العادات المتعلقة بمشكلات النوم في بيئة النوم، حيث يربط السرير أو الفراش بالنوم، كالذهاب إلى الفراش فقط عند الشعور بالنعاس واستخدامه للنوم فقط، وعدم القراءة أو مشاهدة التلفاز في الفراش، وعدم الأكل، وعدم القلق، وتجنبه عند الاستلقاء، هذا ما يسمى العلاج الإدراكي الذي يساعد هذا العلاج، وتعديل الأفكار الخاطئة، وتعلّم أساليب جديدة في التفكير، فمن طرق التفكير الخاطئة عدم فهم الأسباب، واعتقاد الشخص بأنه إذا ما تعرّض لقلق أثناء النهار فهذا بسبب عدم أخذ القسط الكافي من النوم، على الرغم من أن السبب قد يكون مشكلة أخرى غير الأرق واليأس، وأن يتوقع الشخص أنه لن يتمكن مطلقاً من النوم بما يكفي، وبالتالي هو يحضر نفسه لاشعورياً لعدم النوم، وتضخيم تبعات عدم النوم الجيد كأن يعتقد الشخص أنه سيحرج في اجتماع العمل، ويفشل به في اليوم التالي إن لم ينم تلك الليلة، كل هذه الأفكار يتم تعديلها لدى الشخص الذي يعاني من مشكلات في النوم، وقد يتم اللجوء للعلاج السلوكي المعرفي ليكون أكثر فعالية من العلاج بالأدوية.

نتائج سلبية
قد يلجأ الطبيب في بعض الحالات لوصف الأدوية التي تساعد على النوم، وخاصة في الحالات الشديدة من الأرق، فيصف الأدوية الفعالة من جرعات بسيطة لفترة أيام معدودة، وبحسب دوماني يتردد بعض الأطباء في استخدام الأدوية لأنها قد لا تفي بالغرض على المدى الطويل، فيكون استخدامها لفترة قصيرة من الزمن، فمن سلبياتها أنها لا تحل أسباب المشكلة، وقد تسبب الشعور بالنعاس خلال النهار، ومنها التي تصرف لعلاج مشكلات النوم، فبعضها عبارة عن مهدئات خاصة للقلق التي لا تصرف إلا بوصفات طبية محددة، وبعض الأدوية المتخصصة بعلاج الأرق ومشاكل النوم تحديداً، أو بعض أنواع مضادات الاكتئاب، وتستخدم بالذات للمرضى الذين لديهم تاريخ مرضي في الإصابة بمرض الاكتئاب، وهناك بعض الأدوية التي تحتوي على هرمون الميلاتونين لتنظيم ساعات النوم، وخاصة لدى كبار السن، فبعض العلاجات التكميلية قد تساعد على تنظيم النوم، وحل المشكلات حول كيفية علاج القلق والتوتر، وتؤدي مشكلة اضطراب النوم إلى معاناة الشخص من التراجع في أدائه الوظيفي، والتراجع العلمي والمستوى التحصيلي بسبب ضعف الذاكرة نتيجة الحرمان من النوم لأيام كثيرة، كما يؤدي اضطراب النوم بحسب دوماني إلى تراجع مستوى الحياة الاجتماعية، حيث يصعب المشاركة في النشاطات الاجتماعية التي تتطلب التركيز، ولعل أكثر النتائج خطورة ارتفاع خطورة التعرّض لحوادث السير.
ميادة حسن