اقتصادصحيفة البعث

“الاقتصاد” هي الأَوْلى بضبط المسار

 

لا شك أن العامل النفسي يلعب دوراً لا يُستهان به في التأثير في سعر صرف الليرة مقابل الدولار، وخاصة أن غريزة القطيع غالباً ما تكون هي المسيطرة في مثل هذه الحالات، حيث يتملك الخوف شريحة واسعة من المجتمع لجهة تراجع قيمة مدخراتها بغض النظر عن حجم هذه المدخرات..!.
وإذا ما أردنا بالفعل تشخيص واقع سعر الصرف وتحديداً طرفي معادلته “الليرة والدولار” علينا أن نعترف بأن المشكلة بالليرة وليس بالدولار، فسعر الأخير ثابت ومستقر عالمياً، بينما الأولى تأثرت بالأزمة وتداعياتها ولاسيما المتعلقة بتدمير البنية الإنتاجية التي تعزز قوتها الشرائية، وتحدّ من استيراد ما يُنتج محلياً..!.
فالاشتغال في هذه المرحلة يجب أن ينصبّ باتجاه البنية الإنتاجية لأنها العامل الأهم لتعزيز القوة الشرائية لليرة، وعلى اعتبار أن بلدنا زراعي بامتياز، فالأولى تفعيل القطاع الزراعي بكل أبعاده، بالتوازي مع العمل على إحداث مواءمة حقيقية مع نظيره الصناعي لإحداث سلاسل من العناقيد الصناعية الغذائية.
ولعل أكبر عامل يعزّز التوجّه نحو تفعيل البنية الإنتاجية هو سياسة إحلال بدائل المستوردات التي بدأت وزارة الاقتصاد اعتمادها، ونعتقد أن على الأخيرة مضاعفة الجهد في هذا المجال أكثر من أي وقت مضى، نظراً لحساسية المرحلة بعد الارتدادات السلبية على واقع سعر الصرف..!.
وليكون إيقاع العمل منضبطاً بين الجهات المعنية في هذا الجانب، يفترض أن تقود وزارة الاقتصاد هذه المرحلة بكل أبعادها، فهي من يجب أن تحدد حاجة القطر من المنتجات الزراعية، وأن ترسم خريطة الاستثمار الصناعي والخدمي، وآلية استنهاض التنمية وفق مقومات كل منطقة…إلخ.
ونذكر في هذا السياق أنه ليس من قبيل المصادفة أن تحصل وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية على لقب “وزارة سيادية”، وإنما لاعتبارات أبرزها أنها المسؤولة عن رسم السياسة الاقتصادية، إضافة إلى وضع الاستراتيجيات والخطط والبرامج لتنمية وترويج الصادرات وتحسين وضع الميزان التجاري وميزان المدفوعات، فضلاً عن تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني وقطاع الأعمال والمنتجات الوطنية وتنسيقها مع السياسات النقدية والمالية بما يحقق التوازن الاقتصادي الكلي، وتعزيز دور القطاع العام في الصناعات الاستراتيجية والبنية الصناعية الارتكازية، وفي القطاعات الرئيسية ليكون لاعباً أساسياً في البنية الإنتاجية الوطنية، إضافة إلى تطوير برامج تستهدف قطاعات استراتيجية محددة لدعم الإنتاج المحلي وتنميته وحمايته في مجال التجارة الدولية، وإرساء مفهوم الاقتصاد المعرفي في الاقتصاد الوطني بما يتيح تنويع بنية الاقتصاد ومصادره.
فكل ما سبق يدفع بكل الجهات المعنية بالشأن الاقتصادي إلى أن تسير ضمن المسارات التي ترسمها وزارة الاقتصاد، وبذلك نضمن الوصول إلى بر الأمان..
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com