صحيفة البعثمحليات

“السورية للتجارة” في امتحان عودة الثقة التدخل الإيجابي.. حاجة ملحّة تحدث التغيير النوعي و”البطاقة” بطعم السكر

 

تدرك وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك حجم المسؤولية الكبيرة على عاتقها في ظل ما يجري من تخبّط وفلتان الأسواق، نتيجة الأزمات المتتالية والحصار الاقتصادي والعقوبات الظالمة، هذا فضلاً عن ضعاف النفوس من تجار محتكرين استغلوا الظروف وحاجة المواطن، الذي ينتظر التدخل الإيجابي الحقيقي من “حماة المستهلك” عبر المؤسسة السورية للتجارة، التي لم يعد أمامها خيار سوى تعويض الثقة المفقودة بين المواطن ومديريات حماية المستهلك، بعد عدم قدرتها على ضبط الأسواق والحد من ارتفاع الأسعار وتلاعب التجار، الذين تخلوا عن المواطن في سبيل مصالحهم، ليرتمي المستهلك في حضن “السورية للتجارة” لعلها تحقّق نوعاً من التوازن السعري في الأسواق المحلية، وتحاول استيعاب خضّات السوق.

تدخل فوري
في هذا المضمار تسعى “السورية للتجارة” إلى تأمين كل المواد التموينية والسلع الاستهلاكية عن طريق الاتفاق مع جهات القطاع العام، أو من خلال المتعاملين، إضافة إلى استلام المؤسسة حصصها من المواد الرئيسة المحددة بـ15% من المواد المستوردة المموّلة من المصارف المعتمدة، وكل ذلك بهدف ضبط حركة الأسعار في الأسواق والتدخل الإيجابي في عملية توفير السلع الغذائية الأساسية والاستهلاكية بمواصفات ونوعية جيدة وأسعار مناسبة وذلك حسبما يأتي على لسان المعنيين فيها.
ومع ارتفاع المواد التموينية في الأسواق كالسكر الذي وصل إلى 600 ليرة، عملت المؤسسة على التدخل الفوري وتوزيع كميات من السكر وصلت إلى 1 طن بشكل يومي على كل صالة من صالاتها المنتشرة بسعر 350 ليرة للكيلو الواحد، ما شكّل ازدحاماً كبيراً على نوافذ الصالات من أجل الحصول على المادة التي تفقد من الصالات بعد ساعة من بيع الكمية المخصصة، ليبدأ مسلسل الإشكاليات ورمي التهم والتشكيك من المواطن حول آلية العمل والبيع وتحكم الموظفين وتعاملهم الجاف.

اتهامات وتشكيك
“البعث” استطلعت من خلال جولات ميدانية على صالات “السورية للتجارة” في دمشق وريفها، آراء المواطنين الذين يعانون الأمرّين من أجل الحصول على 3 كيلوغرام سكر، معتبرين أن الكميات الموزعة على الصالات لا تباع بالكامل لأن مديري الصالات يخبئون جزءاً منها للمقربين والأصدقاء ما يضطر المواطنين للانتظار لليوم التالي لعلهم يحصلون على السكر، ليذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك متهماً بعض الصالات ببيع السكر للتجار ليبيعوها بدورهم بسعر الأسواق وتحقيق هامش كبير من الربح.

تاجر “فاجر”!
ما سمعناه من هموم واتهامات نقلناه إلى مدير إحدى الصالات التي تشهد اكتظاظاً وازدحاماً كبيرين يومياً بسبب موقعها ووفرة أغلب المواد الأساسية والغذائية وغيرها، فحول اتهامات ببيع السكر للتجار كان الرد من مدير الصالة أنه تعرّض لموقف عند تنزيل الكمية من مادة السكر بدخول تاجر هامساً بأنه مستعد لشراء كامل الكمية بزيادة 100 ليرة على كل كيلوغرام لكنه قوبل بالرفض الشديد.
وبالنسبة للازدحام الكبير اعتبر مدير الصالة أن هناك طلباً على المادة نتيجة فرق السعر الكبير بين المؤسسة والأسواق، إضافة إلى الفوضى التي يسببها بعض المواطنين بعدم التزامهم بالدور مع ضيق المكان لأن الصالة تتوافر فيها تشكيلة كبيرة من المواد الأساسية والغذائية وخاصة اللحوم بأسعار تنافسية.
وطالب موظفون في الصالات بتخصيص مراكز تابعة للمؤسسة متخصصة ببيع المواد التموينية لأن الازدحام والانشغال ببيع السكر يؤثران في بقية المواد وحركة المبيع مع قلة الموظفين.

حلول قريبة
مدير السورية للتجارة في دمشق يوسف عقلة أوضح أن الازدحام سيخف بعد تفعيل البيع على البطاقة الذكية، حيث ستحدد البطاقة مستحقي المواد وتضبط حركة البيع والكميات بدقة، وذلك من خلال البطاقة ما سيقطع الطريق على أي حالة تلاعب إن وجدت، علماً أن الصالات مراقبة وهناك جولات يومية ومتابعة للعمل. وعن نقص كميات السكر المخصصة لفت عقلة إلى أنه في حال انتهاء المادة يتم التواصل مع سيارات تابعة للمؤسسة محمّلة بالمادة ورفد الصالات، وذلك لأن ضيق مساحة الصالات لا يسمح بتنزيل كميات كبيرة تزيد على 1 طن.
وكانت وزارة “حماية المستهلك” قد أعلنت أن توزيع المواد الأساسية عبر البطاقة الذكية مطلع الشهر القادم، وسيتم البدء بتجربة 3 مواد أساسية ويمكن إدراج مواد أخرى حسب الاحتياجات، كما سيتم تسيير سيارات جوالة في المناطق التي لا توجد فيها صالات أو منافذ بيع للمؤسسة السورية للتجارة، وزيادة عدد منافذ السورية للتجارة حسب الضرورة والاحتياجات، علماً أن توزيع المواد الأساسية عبر البطاقة لا يلغي السلل الغذائية الموزعة في صالات السورية للتجارة وكمية المواد الأساسية الموزعة عبر البطاقة الذكية قابلة للزيادة والتعديل.

ضرورة التغيير
ومع كل ذلك يرى متابعون أن “السورية للتجارة” لم تستطع خلال الأزمة التحكم بالسوق وأن تواجه الاحتكار وفوضى الأسعار، كما لم تتجاوز مطبات الفساد والمحسوبية وبالتالي لم تستطع كسب ثقة الشارع ولا تتحمل المسؤولية وحدها، وإنما جميع مفاصل الوزارة حسبما أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور سنان علي ديب الذي اعتبر أن المؤسسة إن لم تستطع إغراق السوق بالمواد وبأسعار سلع تستجرها مع ضبط موظفيها، فلن يجد المواطن أي تغيير ومعنى للتدخل الإيجابي وهو الدور المنوط بها، مشدّداً على ضرورة الانتشار أفقياً وعمودياً واستنفار كامل من وزارة حماية المستهلك.

تأهيل وتطوير
وبيّن عقلة أن المؤسسة تعمل على تأهيل وتطوير المراكز التابعة وتوسيعها بالاتجاه الأفقي والشاقولي، والعمل على إدخال الصالات التي تعرضت للتخريب والتدمير من العصابات الإرهابية، لتكون ميداناً جديداً للتدخل الإيجابي الذي تسعى المؤسسة إلى تحقيقه في كل المحافظات، على اعتبار أن صالات ومنافذ البيع تشكل نقاط ارتكاز لتثبيت الأسعار وتحقيق توازنها في السوق وتأمين السلع بما يرضي رغبات وأذواق المستهلكين وبسعر وجودة مناسبين، مشيراً إلى فتح منافذ للمؤسسة في الوزارات والمؤسسات الحكومية، حيث وصلت النسبة إلى 60% من المؤسسات، إضافة إلى تطوير آليات وأساليب العمل في صالات ومنافذ البيع وإيجاد السبل التي تساهم في جذب المستهلكين من خلال توفير جميع مستلزمات الأسرة من المواد الغذائية والاستهلاكية الأساسية ومن الخضار والفواكه وبأنواع جيدة، وغيرها بأساليب عرض لائقة وأسعار ملائمة، والأهم ما نقوم به من مراقبة ومواكبة لحركة انسياب المنتجات الغذائية والزراعية إلى الأسواق وطرحها في الصالات والمنافذ التابعة للفرع، مع توفير مادة اللحوم في الصالات بأسعار منافسة. ولم يقتصر تدخل المؤسسة على المواد الغذائية والأساسية بل تساهم السورية للتجارة في تخفيف الضغط على مادة الغاز، حيث تقوم بتسيير سيارات جوالة لبيع أسطوانات الغاز المنزلي في عدد من أحياء دمشق وريفها، بهدف منع حدوث ازدحام أو اختناقات في البيع وتأمينه للمواطنين وذلك في إطار التدخل الإيجابي في الأسواق.
وحسب إحصائيات وأرقام سابقة، وصلت مبيعات المؤسسة خلال العام الماضي إلى نحو 60 مليار ليرة، وبزيادة واضحة عن عام 2018 تقدّر بنحو 6 مليارات ليرة، علماً أن قيمتها خلال العام المذكور أكثر من 54 مليار ليرة وفي عام 2017 كانت قيمتها نحو 37 مليار ليرة، وبذلك تكون قيمة التدخل الإيجابي خلال السنوات الثلاث الماضية نحو 151 مليار ليرة.
علي حسون