دراساتصحيفة البعث

السباق إلى الحرب

ترجمة: هناء شروف
عن الغارديان 17/1/2020

بدأت طبول الحرب تقرع في الشرق الأوسط، سوف يشهد هذا الأسبوع إعادة ضبط الساعة النووية التي يقوم بها مجموعة من العلماء لتوضيح تقديرهم عن المخاطر النووية التي تحيط بالبشر. كلما اقتربت الساعة من منتصف الليل، زاد التهديد الوجودي إذا استمرت المواجهة بين إيران ودونالد ترامب، أو اتخذت منعطفاً مخيفاً نحو الأسوأ، فقد تكون أيدي الساعة أقرب إلى جرسها مما كانت عليه في أي وقت مضى. هذا يعني أن الخطر على الكوكب قريب أكثر من أي وقت مضى منذ أول اختبار للقنبلة النووية.
قالت بريطانيا وفرنسا وألمانيا: إنهم “تركوا بلا خيار” سوى تفعيل آلية فض النزاع الخاصة بالاتفاق النووي الإيراني بعد إعلان طهران، في أعقاب اغتيال الولايات المتحدة القائد قاسم سليماني، أنها لن تلتزم ببنود الاتفاق. وبعد تحذير الرئيس الإيراني من أن الجنود الأوروبيين في الشرق الأوسط “يمكن أن يكونوا في خطر”، في إشارة واضحة إلى أنه إذا وقف رؤساء القارة الأوروبية مع السيد ترامب، فإن قواتها يمكن أن تتوقع معاملتها كأعداء.
يجب ألا تتبع أوروبا، بما في ذلك بريطانيا، حماقة استراتيجية الرئيس الأمريكي. انسحب ترامب في العام الماضي من الصفقة النووية قائلاً إنها لم تنجح عندما كانت سارية على الرغم من أن الاتفاق كان بالفعل يؤدي دوره المطلوب. ثم راهن على أن العقوبات الاقتصادية ستسقط نظام طهران. لكن لم يؤت ذلك ثماره. بدلاً من ذلك، بدأت ايران الابتعاد ببطء عن الصفقة النووية. ويبدو أن ترامب الآن يسارع بتهور نحو الحرب مع إيران.
وافقت إيران على بنود القيود والتفتيش في اتفاقية 2015 مقابل الحصول على الفوائد المالية لتخفيف العقوبات. من المهم الإشارة إلى أن أمام الأوروبيين 30 يوماً ليراجعوا فيها مع المسؤولين الإيرانيين إمكانية الاستمرار في الاتفاق النووي. هذه الخطوة الأوروبية للمحادثات لمعرفة ما إذا كان من الممكن حل الخلافات. فإذا لم يتم حلها سيعرض الأمر على مجلس الأمن التابع، ما يثير شبح عودة العقوبات التي تم رفعها بموجب الصفقة. قد يستمتع السيد ترامب باحتمال إعادة فرض العقوبات على إيران من قبل الأمم المتحدة. وبذلك قد تذهب طهران لكسر الاتفاق وتستأنف أجزاء برنامجها النووي، أو ما هو أسوأ، إذا أنهت مهمة عمليات التفتيش الدولية، فقد يرى العالم إيران تتسابق للحصول على قنبلة. ومن المفارقات أن هذه المعضلة، عندما واجهتنا قبل خمس سنوات، أدت إلى الصفقة النووية الإيرانية. أوروبا اليوم تحتاج إلى التأني في اتخاذ المواقف وعليها أن تبتعد عن اتباع مواقف الحليف الأمريكي التي اعتادت تبني استراتيجيته ومواقفه على الدوام. أوضح ريتشارد جولدبيرج، مستشار ترامب السابق، أنه من غير المرجح أن يغفر الرئيس الأمريكي لبريطانيا، خاصة وهي التي تبحث بشدة عن صفقة تجارية، إذا اتخذت موقفاً من إيران يخالف موقف أمريكا. سعى بوريس جونسون إلى التشجيع من خلال الترويج لـ “صفقة ترامب” مع إيران. هناك منطق لذلك حتى لو كان يشبه مكافأة الحرب. يقول المحللون :إن ترامب قام بحملة لإعادة القوات الأمريكية إلى الوطن وهذا ما يريده النظام الإيراني أيضاً. هل يمكن أن تتخلى إيران عن سعيها للحصول على ترسانة نووية إلى جانب رفع العقوبات؟ إن إعادة إيران إلى طاولة المفاوضات سوف يتطلب قص أجنحة الصقور الأمريكيين. في ظل الظروف الحالية، تكون فرص المحادثات ضئيلة. لكن إذا لم يكن بالإمكان إعادة بناء الصفقة القديمة أو إبرام صفقة جديدة، فسيكون الخيار هو السماح لإيران بالحصول على القنبلة. وبذلك سنكون قريبين جداً من منتصف الليل.