الصفحة الاولىصحيفة البعث

تونس.. الفخفاخ يتعهّد بحكومة مصغرة لتجاوز الأزمة الاقتصادية

 

تعهّد رئيس الوزراء التونسي المكلّف إلياس الفخفاخ بتشكيل حكومة كفاءات مصغّرة لمجابهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية، فيما تطرح تساؤلات حول قدرة المكلّف الجديد بشأن قدرته على تشكيل الحكومة ونيل الأغلبية البرلمانية، في مهمة لم ينجح فيها المرشّح السابق الحبيب الجملي.
وقال الفخفاخ: إنه سيشكّل حكومة مصغّرة بهدف إرساء دولة عادلة وقوية تنهي عقود الفقر والتهميش.
ويأتي هذا التعيين بعد عشرة أيام من فشل حكومة الحبيب الجملي في كسب ثقة البرلمان، حيث يواجه المكلّف الجديد تحديات كبيرة في إقناع الطبقة السياسية المكوّنة لمجلس نواب الشعب، علماً أن الفخفاخ لا يملك نواباً يمثّلونه رغم مشاركة حزب التكتل من أجل العمل والحريات، الذي ينتمي إليه، في الانتخابات الأخيرة.
وكان الرئيس التونسي قيس سعيد قد كلّف الاثنين وزير المالية الأسبق الفخفاخ بتشكيل حكومة جديدة، بعد أن رفض البرلمان هذا الشهر حكومة اقترحها المرشّح السابق لرئاسة الوزراء الحبيب الجملي. وأمام الفخفاخ الآن شهر ليشكّل حكومة قادرة على نيل ثقة البرلمان بأغلبية بسيطة، وإذا لم يفلح في ذلك فستُجرى انتخابات جديدة، فيما تواجه البلاد تحديات اقتصادية عاجلة.
وفي ساعة متأخرة من مساء الاثنين، قال الفخفاخ عقب تكليفه: إن “الحكومة ستكون في مستوى اللحظة التاريخية وتطلعات الشعب التونسي الذي أجمع على التغيير الفعلي في السياسات العامة بانتخابه للرئيس قيس سعيد نهاية العام الماضي”، وأضاف: إن “حكومته ستركّز على مواجهة التحديات ذات الأولوية، وهي تحديات اجتماعية واقتصادية”.
وعمل الفخفاخ من قبل في شركة الطاقة الفرنسية توتال، كما شغل منصب وزير المالية عام 2012 في فترة اتسمت بالاضطرابات، وشغل أيضاً منصب وزير السياحة.
ويؤكّد الفخفاخ (48 عاماً) اختياره للاقتصاد كأولوية، مع انخفاض معدل النمو وارتفاع الدين العام وتراجع الخدمات على مدى عشر سنوات تقريباً، وقال: “سنعمل على إرساء شروط الدولة العادلة القوية، دولة تنصف جهاتها الأضعف وتنهي عقود الفقر والتهميش”.
وتواجه تونس، التي تحتاج إلى حوالي ثلاثة مليارات دولار في شكل قروض أجنبية في 2020، ضغوطاً قوية من المقرضين لخفض الإنفاق والسيطرة على العجز، لكنها تواجه في نفس الوقت مطالب متزايدة من شبان محبطين دفع اليأس الآلاف منهم إلى خوض رحلات محفوفة بالمخاطر باتجاه أوروبا.
وقال الرئيس التونسي في تصريحات منشورة وجّهها إلى الفخفاخ: “أنصتوا إلى أنين العاطلين عن العمل وإلى أنين الفقراء”.
ويقول محللون: إن اختيار سعيد للفخفاخ، من بين العديد من المرشحين الآخرين الذين اقترحتهم أحزاب مختلفة، يظهر أنه يمسك بمفاتيح المشهد السياسي في البلاد، ويرون في الاختيار إشارة واضحة تهدف لتغيير السياسات الاقتصادية والاجتماعية في تونس.
في المقابل أعلنت مجموعة من الأحزاب السياسية، والتي تمتلك كتلاً برلمانية هامة، دعمها تكليف الفخفاخ، فيما أبدت أحزاب وكتل أخرى تحفّظها واعتراضها على هذا التكليف.
وقالت حركة النهضة صاحبة الأغلبية البرلمانية (54 مقعداً) إنها لا تعترض على تعيين الفخفاخ لتشكيل الحكومة، مؤكّدة أن تصويت كتلتها البرلمانية له ستكون طبقاً لما سيقدّمه من برنامج وطبيعة حكومته واستناداً لما ستقرّره مؤسسات الحركة.
من جانبه أثنى النائب بالتيار الديمقراطي (22 مقعداً) غازي الشواشي على اختيار الفخفاخ لتكليفه بتشكيل الحكومة، معتبراً أن التيار من الأحزاب التي دعمت ترشّحه ونحن راضون عن اختياره، واعتبر أن الفخفاخ شخصية سياسية جديرة لها تجربة في الحكم وإدارة دواليب الدولة، مضيفاً: إن تصورات التيار للحكومة المرتقبة يتلخص في تكوين حكومة سياسية تضم كفاءات حزبية ولها حزام سياسي قوي وتحظى بأغلبية مريحة داخل البرلمان.
في المقابل أثار تكليف الفخفاخ استغراب حزب قلب تونس ثاني الكتل البرلمانية (38 مقعداً)، وقال النائب عن قلب تونس: إن “الفخفاخ ينتمي إلى حزب التكتل من أجل العمل والحريات، وهو حزب لا يملك نواباً في البرلمان، ما يثير نقطة استفهام، لماذا نجري انتخابات؟”، وأضاف: إن “موقف الحزب سيصدر عن مؤسساته الرسمية وأن نقول أنه الشخصية الأجدر لتكوين الحكومة أمر حوله اختلاف كبير.. مرحباً به وسنرى رؤيته وبرنامجه”.
وعبّر رئيس كتلة ائتلاف الكرامة (21 مقعداً) عن استغرابه أيضاً من الاختيار، قائلاً: “هذا التعيين لا يعكس التوجّه الذي عبّرت عنه الأحزاب في اقتراحاتها لرئيس الجمهورية”، لافتاً إلى أنّ “عدداً محدوداً من النواب اقترحوه لهذا المنصب ولا يتجاوزون الـ37 نائباً، وهم نواب كتلة تحيا تونس والتيار الديمقراطي”.
وإذا لم تتمكّن الحكومة المقبلة من نيل ثقة البرلمان حتى منتصف آذار، ففي إمكان الرئيس التونسي حل البرلمان والدعوة لانتخابات نيابية مبكرة، وفقاً للفصل 89 من الدستور التونسي.
وتعيش تونس، تزامناً مع أزمة تشكيل الحكومة، واقعاً اقتصادياً ينحدر نحو الأسوأ، لاسيما بعد تفاقم معدلات البطالة وارتفاع نسب التضخم، الذي بلغ 6.7 بالمئة خلال النصف الثاني من سنة 2019 وعدم تراجع العجز التجاري، وتدهور المقدرة الشرائية للمواطن التونسي أمام ارتفاع الأسعار وتراجع الدينار.