الصفحة الاولىصحيفة البعث

دول جوار ليبيا تتفق على رفض أي تدخلات خارجية

بُعيد أيام من اختتام مؤتمر برلين حول ليبيا، أكد وزراء خارجية دول جوار ليبيا، خلال اجتماعهم أمس في العاصمة الجزائرية، ضرورة وقف التدخلات الخارجية في شؤون هذا البلد، واعتماد الحوار سبيلاً لحل الأزمة فيه، فيما شدّد كيرياكوس ميتسوتاكيس، رئيس وزراء اليونان، على “أن الاتحاد الأوروبي لن يوافق على حل سياسي للصراع الدائر في ليبيا ما لم تتخل تركيا وليبيا عن اتفاق بحري وقعتاه في تشرين الثاني مقابل الدعم العسكري التركي لحكومة السراج، إضافة إلى ذلك، فهو اتفاق لم يقره المجلس التشريعي الليبي”.

ووقّع فائز السراج رئيس ما يسمى “حكومة الوفاق”، ومقرها طرابلس، اتفاقاً مع رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، قوبل برفض إقليمي ودولي، لما يمثّله من تهديد لدول جوار ليبيا، حيث يسعى نظام أردوغان للتوسّع في المنطقة لبسط نفوذه قرب السواحل الجنوبية لأوروبا.

ويسعى أردوغان من خلال الاتفاق إلى إقامة منطقة اقتصادية خاصة من شاطئ تركيا الجنوبي على البحر المتوسط إلى شاطئ ليبيا الشمالي الشرقي، ويشق الاتفاق ممراً بحرياً، ويمهّد الطريق فيما يبدو لأعمال تنقيب عن النفط والغاز في المنطقة.

وتقول اليونان: إن الاتفاق باطل، وينتهك قانون البحار الدولي، فيما يعارض الاتحاد الأوروبي كذلك الاتفاق البحري، ويقول شارل ميشيل رئيس المجلس الأوروبي: الاتفاق “يتعدّى على الحقوق السيادية لدول ثالثة، ولا يتمشى مع قانون البحار”.

وصوّت مجلس النواب الليبي بالإجماع على إلغاء مذكرتي التفاهم الأمني والعسكري وترسيم الحدود البحرية الموقّعة بين الوفاق والنظام التركي، وشمل قرار المجلس إلغاء جميع المذكرات التي وقّعتها أو توقّعها الوفاق “ما لم تصادق عليها السلطة التشريعية”.

واعترض البرلمان الليبي أيضاً على موافقة البرلمان التركي إرسال قوات عسكرية تركية إلى ليبيا تلبية لدعوة السراج، معتبراً الخطوة “خيانة عظمى”.

والأحد، عقد مؤتمر أممي في العاصمة الألمانية برلين انتهى بالاتفاق على حظر توريد الأسلحة، والتوصل إلى وقف إطلاق النار في ليبيا.

إلى ذلك، أعلن وزير الخارجية الجزائري، صبري بوقادوم، إن المشاركين في اجتماع الدول المجاورة لليبيا في الجزائر “اتفقوا على أنه لا حل للأزمة الليبية إلا الحل السياسي، بمعنى حل ليبي-ليبي بمرافقة المجتمع الدولي”، وأوضح أن دول الجوار الليبي اتفقت على ضرورة مشاركة الاتحاد الإفريقي في دعم الحل السياسي في ليبيا، مجدداً التأكيد على رفض التدخل الأجنبي، وتواجد قوات غير شرعية على الأراضي الليبية.

وكان الوزير الجزائري قد قال قبل بدء الاجتماع، الذي شارك فيه وزراء خارجية ومسؤولون من مصر وتونس وتشاد والنيجر والسودان ومالي:إن جيران ليبيا يتحمّلون مسؤولية تسهيل الحل السياسي، وأوضح أن بلاده “تتمسّك بضرورة تشجيع الأطراف الليبية على حل أزمتهم بالطرق السلمية، وترفض أي تدخل أجنبي في هذا البلد”، مؤكداً على أن الليبيين “قادرون على تجاوز خلافاتهم من خلال انتهاج أسلوب الحوار والمصالحة الوطنية والتوصّل إلى تسوية سياسية تخرج البلاد من أزمتها، وتمكّن الشعب الليبي من بناء دولة قادرة على بسط نفوذها على كامل ترابها”.

وشارك في الاجتماع أيضاً هايكو ماس وزير خارجية ألمانيا، التي استضافت قمة برلين يوم الأحد لبحث الأزمة الليبية، وقال في كلمة ألقاها أمام وزراء خارجية دول جوار ليبيا: إن “هناك العديد من التعقيدات، ونحن واعون بخطورة الوضع في البلاد.. الصراع لا يزال متواصلاً، ولن يتوقّف إلا بمحاولة تقريب وجهات نظر الفرقاء”، معتبراً أن “الحل السياسي” سيكون هو “المخرج الحكيم لليبيا”، وشدّد على أن دول الجوار والدول الإفريقية هي “مفتاح حل الأزمة”، داعياً إلى ضرورة الحد من تدفق الأسلحة في المنطقة.

وانطلقت الجزائر، التي تربطها حدود طولها ألف كيلو متر مع ليبيا، فور انتهاء مؤتمر برلين، في بذل جهود حثيثة لتدعيم التنسيق والتشاور بين بلدان الجوار الليبي والفاعلين الدوليين من أجل مرافقة الليبيين للدفع بمسار التسوية السياسية للأزمة عن طريق الحوار الشامل بين مختلف الأطراف الليبية.

من جهته، أدان وزير الخارجية المصري، سامح شكري، إرسال النظام التركي مرتزقته إلى ليبيا، مؤكداً أن الاتفاق الذي جرى بين هذا النظام والسراج مخالف للاتفاقيات الدولية، وقال: “شهدت ليبيا ارتباكاً تسببت فيه تركيا بتدخلات صارخة في حق دولة عربية”، موضحاً أنه “لو كانت الأزمة الليبية سياسية لحلّت، ولكن الأمر يتعلق بجماعات إرهابية تم دعمها بجماعات إرهابية استقدمت من سورية، ونحن لن نسمح بالعبث بأمن ليبيا ودول الجوار”، واعتبر أن حل الأزمة في ليبيا يكمن في التزام الليبيين والمجتمع الدولي بمخرجات مؤتمر برلين.

كما جدّد وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال التونسية صبري باش طبجي رفض تونس للحل العسكري والتدخل الأجنبي في ليبيا، مشدّداً على دعم بلاده لحوار ليبي-ليبي شامل يحقق الوحدة في البلد، ويكرّس حق الشعب في العيش بكرامة.

من جهته، قال وكيل وزارة الخارجية السودانية الصديق عبد العزيز عبد الله: إن بلاده مقتنعة “أن الليبيين قادرون على حل أزمة بلادهم ما لم تتدخل قوى خارجية”، ولفت إلى أن “توحيد موقف دول الجوار الليبي، سيوفر الظروف المناسبة لليبيين لحل أزمتهم رغم التجاذبات الدولية”.

يأتي ذلك وسط تواصل إرسال تركيا للمرتزقة والإرهابيين من مطار اسطنبول نحو طرابلس، لدعم حكومة الوفاق والميليشيات التي تقاتل إلى جانبها في طرابلس، حتى بعد مؤتمر برلين، الذي انتهى بالاتفاق على حظر توريد الأسلحة والتوصّل إلى وقف إطلاق النار في ليبيا.

وقبل أيام اعترف السراج بوجود مرتزقة سوريين يقاتلون في صفوف ميليشياته ضد قوات الجيش الوطني الليبي، مؤكداً أنه لن يتردد في طلب مساعدة أي طرف لدحر ما أسماه العدوان على طرابلس، في إشارة للعملية التي تقوم بها قوات الجيش الوطني الليبي لتحرير العاصمة من الميليشيات والإرهابيين.