دراساتصحيفة البعث

البنتاغون يكذّب ترامب

ترجمة: هيفاء علي
عن موقع “لو بوانت” 26/1/2020
في ظل غياب الأسلحة النووية، يبدو أن إيران قد ابتكرت صواريخ مؤجلة زمنياً، والتي لن تكون آثارها محسوسة إلا بعد عدة أيام.. فهل ما زال هناك ما يكفي من العقول الساذجة للاعتقاد بأن استهداف قاعدة عين الأسد الأمريكية في العراق من قبل القوات المسلحة الإيرانية رداً على اغتيال قاسم سليماني، لم يخلف قتلى وجرحى؟.
فقد تعرّض نحو ثلاثين جندياً أمريكياً لإصابات في الرأس أو ارتجاج في الدماغ أثناء الضربة الجوية الإيرانية، على الرغم من الادعاء الأولي للرئيس ترامب بأنه لم يكن هناك أي جريح، وأن جميع الجنود المرابطين في القاعدة هم بخير، حسب قوله. أكد ترامب في البداية أنه لم يصب أي من أفراد القوات الأمريكية في الغارة على قاعدة عين الأسد في غرب العراق في 8 كانون الأول الماضي، رغم أن المسؤولين أبلغوا لاحقاً بإصابة 11 جندياً. واتهم الديمقراطيون الرئيس بالكذب، حيث وصف جو بايدن أعمال ترامب بأنها “مثيرة للاشمئزاز”. فيما أكد المتحدث باسم البنتاغون جوناثان هوفمان: “تمّ تشخيص 34 جندياً على أنهم مصابون بارتجاج في المخ”. وأضاف هوفمان: إن 17 من الضحايا نقلوا في الأصل إلى ألمانيا للعلاج، ثمانية منهم عادوا إلى الولايات المتحدة، وسيستمرون في تلقي الرعاية في الولايات المتحدة، إما في مستشفى والتر ريد (المستشفى العسكري بالقرب من واشنطن) أو في قواعد منازلهم”، مضيفاً “أن الضحايا التسعة الآخرين الذين تم نقلهم عن طريق الجو إلى ألمانيا سيتلقون العلاج الكافي ولن يعودوا حتى انتهاء العلاج”. ويقال إن سبعة عشر جندياً آخرين تمت معالجتهم في المنطقة عادوا إلى الخدمة في العراق.
استهدفت القاعدة الجوية، وهي واحدة من أكبر القواعد في العراق، والتي تضم 1500 جندي أمريكي يشكّلون الجزء الأكبر من وجود قوات التحالف المتاخمة مباشرة لآلاف القوات العراقية، وردّ المسؤولون الديمقراطيون على هذا الإعلان باتهام ترامب بالكذب بشأن الضربات.
وقالت ديبي فاسرمان شولتز، عضو الكونغرس عن ولاية فلوريدا: “على الرغم من أنه يقلّل من خطورة هذه الإصابات باعتبارها مجرد “صداع”، إلا أن نصف إصابات الرأس تتطلّب عملية جراحية ويمكن أن تؤدي إلى إعاقات مدى الحياة”. فيما وصف جاك ريد، عضو مجلس الشيوخ وعضو بارز في لجنة القوات المسلحة، إصابات الرأس بأنها “خطيرة”. قائلاً: “هذا ليس مجرد “صداع”، ومن المشين للغاية أن الرئيس ترامب يقلّل من شدة إصاباتهم.. إنه مدين لهم بالاعتذار”.
في هذا السياق، شهدت ولاية نيو هامبشاير تجمعاً حاشداً حضره جو بايدن، المرشح لتحدي ترامب في الانتخابات الرئاسية لهذا العام، والذي أشار إلى أن الرئيس “قضى على جراح الجنود، وهذا الأمر مثير للاشمئزاز بصراحة”. فيما طلبت مجموعة بارزة من قدامى المحاربين من ترامب الاعتذار من الجنود المصابين الذين كانوا متمركزين في عين الأسد لأنه استخفّ بهم عندما استخفّ بإصاباتهم، زاعماً أنها مجرد صداع بسيط.
وعليه، في ضوء إعلان وزارة الدفاع أن 34 من أفراد القوات الأمريكية يعانون من إصابات في الدماغ نتيجة للضربة الانتقامية الإيرانية، وتصريحات الرئيس ترامب التي تقلّل من خطر إصابات هذه القوات، لا يمكن أن يقف قدامى المحاربين في الحروب الخارجية مكتوفي الأيدي بشأن هذه المسألة. فإصابات الرأس هي إصابات خطيرة لا يمكن الاستخفاف بها.. وأعراضها المعروفة هي الاكتئاب وفقدان الذاكرة والصداع الحاد والدوار والتعب والجروح البليغة التي لها آثار طويلة الأجل.