اقتصادصحيفة البعث

تصريحات “محيرة”!

 

حقيقة نقف حائرين أمام بعض التصريحات الحكومية -ومنها على سبيل المثال لا الحصر- تصريح وزير المالية بـ”أن الوقت حان لحسم وتصويب موضوع الضرائب وإعادة النظر فيه، ولاسيما أن السياسة الضريبية الحالية قديمة وبحاجة إلى تحديث..”.
ليس هذا فحسب، بل وأعلن “أن وزارة المالية وهيئة الضرائب والرسوم لا تستطيعان وحدهما أن تحدّا من التهرّب الضريبي وتحقيق العدالة الضريبية، مؤكداً أننا بحاجة إلى تعديل القوانين التي يتم العمل عليها حالياً”.
اعتراف بضرورة الحسم والتصويب ، في موضوع الضريبة، يدفعنا إلى التساؤل عما كانت تفعله “المالية” وذراعها “الهيئة”، طوال السنوات الماضية، وخاصة أن الوزير نفسه كان أعلن على مدار تلك السنوات، أنهم يعملون على إصلاح وتطوير النظام الضريبي في سورية وبالقوانين الواجبة التعديل، التي يأتي اليوم ليكرّر على مسامعنا القول: إنها بحاجة إلى تعديل وإن العمل لا يزال جارياً على ذلك..!…
أما متى سيكون الانتهاء.. فلا نعلم، والسبب بعدم العلم بسيط وهو عدم تحديد البرنامج الزمني لإنجاز التعديل..؟!.
عدم التحديد وترك الأمر جارياً..، يعطي مشروعية للتشكيك في إنهاء ملف “الإصلاح الضريبي”.
كما أن ترك الأمر “جارياً”..، يجعلنا نسقط مفهوم “الحساب الجاري” في المصارف، حيث لا فائدة تُعطى لمُودعه..، على ما يجري حالياً من ترك لأبواب “الضريبة” مفتوحة على مصاريعها للهدر والتهرّب والفساد..!.
المفارقة اللافتة، أن نغمة “عدم الاستطاعة” وعدواها، وصلت إلى “المركزي”، وفي التوقيت ذاته، ليطالعنا الأخير أيضاً بإعلانه عدم استطاعته وحده ضبط السوق..!، وكأننا أمام حالة اعتراف غير مباشرة، بانتفاء التنسيق والتعاون والتكامل، ليس فقط بين الجهات المالية والنقدية، وإنما أيضاً بين الجهات الحكومية عامة..!. ولعل في مؤشر “عدم الإنجاز” لما كان يفترض إنجازه منذ زمن..، دليلاً على أن هناك معيقات كبيرة، أو أن هناك من يُعيق..!؟.
وتصل حيرتنا حدّاً فغر الأفواه، حين نسمع ونقرأ التناقض والتضارب في التصريحات والآراء..؛ ففي الاجتماع ذاته (في 7 من الشهر الجاري بهيئة الضرائب والرسوم وحضره رئيس الحكومة..)، الذي انتقد وزير المالية فيه من يقول: إن أكبر نسبة للضرائب والرسوم هي على الرواتب والأجور، وإنها بحدود 20% أو أكثر، ويجزم أنها لا تتعدّى 2%؛ يصرّح رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي، مبيّناً أنه يجب ألا يكون هناك ضرائب على أصحاب الدخل المحدود..!.
أما ذروة التناقض في التصريحات فتأخذ حدّها الأعظمي، حين يعلن رئيس هيئة التخطيط، أن نسبة الضرائب فيها تصل إلى 25% للقطاعين العام والخاص، غامزاً وبالإشارة إلى أن الضرائب يجب أن تتركز في رؤوس الأموال وأصحاب الشركات ورجال الأعمال، وألا يكون الاعتماد في جباية الضرائب على الإنفاق الاستهلاكي وتوحيد الضريبة على الشركات..!؟.
واقع من التصريحات لأعضاء مسؤولين -ومن الطراز الرفيع- في الحكومة، يجعل “الفأر يلعب بعبّنا” كما يقال..، في مرحلة تقتضي الضرورة القصوى، إبادة القوارض…!؟.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com