دراساتصحيفة البعث

مشكلة ترامب مع بريطانيا

ترجمة: هناء شروف
عن الغارديان 25/1/2020
كثيراً ما يلجأ الرئيس الأمريكي إلى التهديدات والشتائم وتكتيكات الضغط المشدّدة والانتقام غير المتناسب للوصول إلى هدفه. لذلك يتعيّن على بوريس جونسون أن يُظهر لترامب أنه ليس من السهولة تنمّر الناس، وذلك رداً على تهديدات البيت الأبيض بشأن شركة هواوي والضرائب الرقمية. يجد بوريس جونسون، وهو من المفترض أن يكون صديقاً لترامب، نفسه على الطرف المتلقي فيما يتعلق بالعديد من النزاعات الثنائية. كيف يتعامل مع هذا السلوك غير السار، ومدى استعداده لتحدي ترامب، يبرز كاختبار مبكر رئيسي لرئاسته للوزراء؟.
من الواضح أن بريطانيا ليست وحدها بين حلفاء أمريكا التي تعتبر صداقتها وإخلاصها أمراً مسلّماً به. لقد تصرف ترامب بأسلوب خشن ومهين مع زعماء فرنسا وألمانيا، مهدّداً بكل من العقوبات التجارية والمالية التعسفية كعقوبة، وكان وقحاً بلا مبرر في كلامه عن سلف جونسون، تيريزا ماي.
والمشكلة تكمن في أن سلوك ترامب السيئ وحماقته الشخصية يبدو أنهما أصابا مسؤولين آخرين في الحكومة الأمريكية. بومبيو ليس دبلوماسياً فهو مثل رئيسه، لديه ميل للبلطجة. في المقابل، فإن وزير الخارجية دومينيك راب هادئ ومهذب. لقد كان في واشنطن مؤخراً ليدرس التداعيات الناجمة عن الاغتيال الأمريكي غير القانوني لقاسم سليماني. المزيد من البلطجة كانت بتقليص تبادل المعلومات الاستخباراتية، وبردّ الولايات المتحدة على اقتراحات أولية من جونسون ووزراء آخرين حول إبرام بريطانيا صفقة مع شركة هواوي، شركة الاتصالات الصينية المدرجة على قائمة الولايات المتحدة التي من شأنها أن تجلب الاستثمار والوظائف وقيمة أفضل للعملاء البريطانيين. لقد فشلت الولايات المتحدة في التوصل إلى بدائل مقنعة. ومع ذلك، تستمر حملة الضغط الأمريكية شبه الهستيرية على قدم وساق. فقد حثّ ترامب على الهاتف جونسون مرة أخرى لإعادة النظر بالصفقة، وحذّر المسؤولون الأمريكيون من أن الاشتراك في هواوي لن يكون “أقل من الجنون”، ويمكن أن “يقلّل من الشهية” لصفقة تجارية أمريكية بريطانية.
المخاوف الأمريكية تنبع بسبب نهضة الصين العالمية السريعة والمنافسات التكنولوجية والتجارية بين البلدين. لكن هناك موقفاً آخر بين الولايات المتحدة وبريطانيا يؤكد وجود نمط معادٍ من السلوك المفترس وهو التهديد بفرض رسوم جمركية عقابية على صادرات السيارات البريطانية.
الحديث عن فرض ضريبة رقمية متفق عليها دولياً بشكل جيد جداً، لكن قد يستغرق الأمر سنوات حتى يتمّ تنفيذه، الأمازون وشركات مماثلة أخرى تحصل على أرباح كبيرة من بريطانيا.
لم تظهر مشكلة ترامب مع بريطانيا بين عشية وضحاها، لقد بدأت منذ ثلاث سنوات. الشعب البريطاني يدعم بقوة محاولات مكافحة حالة الطوارئ المناخية وترامب هو العدو الرئيسي في هذه المعركة السياسية الحاسمة، كذلك قوبلت محاولات المملكة المتحدة الجوهرية للحفاظ على صفقة إيران النووية لعام 2015 بتهديدات بفرض مزيد من العقوبات الأمريكية. بعد ذلك، توقع مطلباً بأن تخون بريطانيا الفلسطينيين وتدعم “خطة السلام” المنحازة على نحو سخيف في الشرق الأوسط، والتي من المتوقع أن يتمّ الكشف عنها في غضون أيام.
سجل بلطجة ترامب وإهاناته للمملكة طويل ومخيف، هذا السلوك غير مقبول. هل نسي المسؤولون الأمريكيون أن بريطانيا دولة ذات سيادة؟ هل غطرستهم وازدراؤهم جعلهم لا يهتمون؟ ربما يعتقد ترامب أن رئيس الوزراء مهمّة يسهل تجاوزها بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ربما كان على حق. لا نأمل ذلك، فمشكلة بريطانيا مع ترامب تزداد سوءاً، حتى جونسون لن ينقذه شيء إذا فشل في اتخاذ موقف.