اقتصادصحيفة البعث

“المركزي” لا يتحمّل المسؤولية وحده..!

في الوقت الذي يُحمّل العديد من المتابعين مصرف سورية المركزي ما حلّ بسعر صرف الليرة مقابل الدولار، ويطلب منه التدخل لضبط السعر والحفاظ على استقراره، نرى أن المركزي لا يتحمّل وحده المسؤولية..!.
بالطبع نحن هنا لسنا بواقع الدفاع عن المركزي وسياساته، لكن للإنصاف نبيّن أن هناك جهات عدة لم تأخذ دورها كما يجب لمؤازرة المصرف المركزي، ولاسيما الجهات المسؤولة عن العملية الإنتاجية سواء من القطاع العام أم الخاص، يضاف إليها شريحة التجار وطريقة تعاطيهم مع هذه المسألة بطريقة تشي بعدم الثقة بوضع الليرة، إلى جانب الذعر النفسي الذي يتملك المواطن العادي تجاه الاهتزازات المرتدة عكساً على سعر الصرف، ومسارعته “أي المواطن” إلى إضفاء سوداوية أكبر على صورة الواقع الاقتصادي وعدم ادّخاره أي جهد لتحويل ما بحوزته من مدّخرات مهما كانت بسيطة إلى دولار…!.
ما نودّ الإشارة إليه هو أن ثمة أسباباً موضوعية، وأخرى ذاتية، تحول دون تفعيل العملية الإنتاجية كما يجب والكفيلة بتعزيز واقع الصادرات وبالتالي تعزيز قوة الليرة، فالأولى تتمثل بملاقاة الاقتصاد السوري تحدّياً كبيراً وسريعاً خلال العقدين الأخيرين نتيجة ضعف تنافسيته ومحدودية إنتاجيته في ظل الانفتاح الاقتصادي، لذلك كان من الصعب أن يكون الاقتصاد السوري ندّاً لاقتصادات متطوّرة وذات تاريخ عريق.
ومن الأسباب الموضوعية أيضاً الظروف الاقتصادية التي تصيب الدول الأضعف أكثر مما تصيب الدول الأقوى، ومنها ارتفاع أسعار البترول والنقل والظروف المناخية والأزمة العالمية التي أصابت كل الدول وكانت أكثر إيلاماً للاقتصادات الأضعف، وسورية من الاقتصادات الأضعف مقارنة مع بقية الاقتصادات، إضافة إلى أن كل دول العالم وحتى ذات النشاط التصديري الأقوى في العالم أصبح نشاطها أقل من العادي نتيجة ذيول الأزمة العالمية عام 2008، لتأتي تداعيات الأزمة السورية لتضييق الخناق أكثر فأكثر على انسياب صادراتنا..!.
أما الأسباب الذاتية فتتمثل بعدم تطوير قطاعنا التجاري العام والخاص من ناحية السرعة والوتيرة اللازمة مع تطوّر التحديات التي تواجهه، ولا من ناحية زيادة الإنتاجية والقدرة التنافسية، وضبط التكلفة وسبر الأسواق والتعاون مع الأسواق العالمية بفكر متطوّر وبشكل منظم لكي يصبح أكثر ندية من السابق…!.
نعتقد أن الوقوف على هذه الأسباب ودراستها وتحليلها يُمكِّن من اجتراح حلول وآليات -ولو جزئية- كفيلة بالمساهمة برفع معدلات التصدير، مع إقرارنا بأن ما سبق ذكره غير غائب عن معظم متخذي القرار الاقتصادي إن لم نقل كلهم، إلا أن الغاية من هذا العرض هي محاولة إعطاء صورة كاملة عن واقع الصادرات والمرتبط ازدهاره بالضرورة بالعملية الإنتاجية من جهة، والتذكير بمسببات تراجع الصادرات عسى أن تنفع الذكرى من جهة ثانية..!.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com