اقتصادصحيفة البعث

السورية للمخابز والخبز السوري

 

 

تضمن المرسوم التشريعي رقم 6 الصادر في 14/1/2020 إحداث المؤسسة السورية للمخابز، التي تضم مؤسستين عامتين سابقتين /الشركة العامة للمخابز ولجنة المخابز الاحتياطية/، برأسمال قدره 5 مليارات ليرة سورية يضاف إلى رأسمالها نسبة 25% من الربح الصافي الذي ستحققه المؤسسة، إضافة إلى الاعتمادات التي تخصصها الدولة لها، والمؤسسة الجديدة معنية بتشغيل واستثمار جميع المخابز الموجودة التي كانت تابعة لكلتا الجهتين السابقتين، وتطوير خطوط الإنتاج وتحسين منتجات المخابز، والجديد المفيد أنها معنية أيضاً بتصنيع وتركيب خطوط إنتاج جديدة وبيع وتوزيع منتجاتها، وتضمن المرسوم الحفاظ على جميع العمال الموجودين.
المؤسسة الجديدة ذات طابع اقتصادي، والأمل معقود على أن سمة الطابع الاقتصادي للمؤسسة الجديدة، والنظام الجديد للمؤسسة، لن ينجُم عنهما رفع سعر الخبز عما هو عليه الآن، وأن الربح الصافي المتوقع تخصيص نسبة منه لرأسمال المؤسسة، سينجم عن تطوير الاستثمار وخفض الهدر، لا ابتكار مبررات رفع السعر، وسعر ربطة الخبز الفعلي ووزنها سيوحّد في جميع المخابز العامة (ربطة الخبز وزن /1300غ/ بسعر 50 ل.س من الفرن مباشرة، و60 ل.س لدى المعتمد )، والخلاص من ارتفاع سعر – ونقص وزن– ربطة الخبز الذي كان سائداً في أغلب المخابز الاحتياطية، لسنوات مضت، تحت حجج واهية، أسفرت عن تحقيق كسب كبير غير مشروع، على حساب العمال المؤقتين في هذه المخابز وعلى حساب المستهلك، وعلى حساب الميزانية العامة للدولة، لمصلحة مستثمري هذه المخابز، الذين كانوا يتقاضون راتبهم من الدولة تحت اسم مشرفين.
ولكن يبقى السؤال الكبير.. ما الذي ينتظر المستهلك بخصوص خبز المخابز الخاصة، التي تحصل على الطحين والوقود المدعومين على غرار المخابز العامة، وهي ملزمة قانوناً بإنتاج خبز جيد، وبيعه بالسعر والوزن التمويني المعتمد في المخابز العامة، ولكن الواقع خلاف ذلك، فأغلب المخابز الخاصة تبيع ربطة الخبز بـ100 ل.س من الفرن، أي بضعف سعرها التمويني وبوزن يتراوح حوالي الـ1000غ، أي بنقص حوالي 300غ عن الوزن التمويني، وتباع لدى المعتمدين بـ150 ل.س، وبذلك يحقق المخبز الخاص كسباً غير مشروع بحدود 50000 ل.س، حال كان مخصصاً بـ1000 كغ طحين تنتج 1200كغ خبز تقارب 1000 ربطة، يحقق في كل منها 50 ل.س زيادة عن السعر الرسمي، والمعتمد المخصص بـ50 ربطة يحقق كسباً إضافياً بحدود 2500 ل.س لأنه يبيعها بـ 150 بدلاً من شرائها من المخبز بـ100، أما المستهلك فقد خسر في كل ربطة 50 ل.س، في حال اشتراها من المخبز و100 ل.س حال اشتراها من المعتمد، فمئات الآلاف من المستهلكين يخسرون يومياً مئات الليرات من حقهم، ومئات من أصحاب المخابز الخاصة يكسب كل منهم يومياً عشرات الآلاف، إضافة إلى حقهم، علماً أن العديد من المخابز الخاصة مخصص بأكثر من1000 كغ طحين يومياً، ومئات المعتمدين يبيعون أكثر من 50 ربطة يومياً، ولا يخفى الكسب الذي يحققه أصحاب المخابز من تهريب الدقيق التمويني، الذي تصادر الرقابة أطناناً منه بين حين وآخر، عدا الكثير الذي لم يصادر، فكيلو الطحين يكلف الدولة 200 ل.س وتبيعه للمخبز العام والخاص بـ 20 ل.س؟.
السيد وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك قال: إن استمرارية رفع سعر الربطة ونقص وزنها وتهريب الطحين، ظواهر خطيرة جداً على الوطن والمواطن، ولا تتفق مع الطرح الذي يقول ببقاء الرغيف على جودته وعلى سعره، وعبارة الخبز خط أحمر، يجب أن تعني ضرورة قمع ذلك كلياً، هذا القمع الذي يجب أن يترافق مع إنصاف أصحاب المخابز، الذين يدَّعون أنهم مظلومون تحت عدة حجج، ومنها أن كيس الطحين يصلهم ناقص الوزن، فالتمعن مطلوب جداً لإنصاف المستهلكين وأصحاب المخابز، فكيلو الطحين يكلف الدولة 200 ل.س وتبيعه للمخابز العامة والخاصة بـ20 ل.س، وربطة الخبز التي تكلف الدولة 310 ل.س تبيعها للمستهلك بـ50 ل.س، ما يجعل من غير الجائز أن يذهب الفارق للآلاف ويحرم منه الملايين، فهل سيكون من صلاحية المؤسسة الجديدة، الحدّ من فوضى رفع ونقص ربطة الخبز في المخابز الخاصة، وهل النظام المرتقب للمؤسسة الجديدة سيتطرق إلى شيء من ذلك، فمصلحة الوطن والمواطن تقتضي إحداث مخابز عامة في ضوء الحاجة. ووقف الترخيص للمخابز الخاصة، والحدّ من مخالفات الموجود منها، وإنصافها حال وجود غبن، وألا يغيب عن البال أن ورود حماية المستهلك في نهاية اسم الوزارة لا يعني أنها ملحق، بل هي الأصل، وحبذا أن تكون التسمية اللاحقة –حال تشكيل الوزارة الجديدة المرتقبة– وزارة حماية المستهلك والتسويق الداخلي.
عبد اللطيف عباس شعبان
عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية