اقتصادصحيفة البعث

من “سارس” إلى “كورونا”.. احتمالات مفتوحة!؟

 

المذهل في الإعصار الوبائي “كورونا” الذي ضرب الصين، ليس فقط الشكوك حول من يقف خلف هذا الفيروس (مُصنِّعه ومصدره وتوقيته..)، وإنما المذهل أيضاً البدء بإنشاء مستشفى يتسع لألف مريض، والإعلان عن إنجاز له خلال أسبوع واحد، أي بما لا يتجاوز السبعة أيام بالتمام والكمال..!؟.
الحدث لا يقف عند حدّ انتشار الفيروس وخطورته غير المسبوقة وتهديده لأمة المليار ونصف المليار، وربما للبشرية جمعاء..، وكيفية محاصرته والقضاء عليه، واكتشاف العلاج الشافي الوافي له، رغم ما يعني هذا من خطورة هائلة قد تهدّد الحياة الإنسانية..، بل يتعدّى ذلك إلى تلك العقلية الإجرامية الإرهابية، التي لا تتورّع عن استهداف البشر، أيَّاً كان جنسهم وعرقهم، وأيَّاً كانت إمكانياتهم المادية والعلمية والاقتصادية، بطرق خبيثة، ولمجرّد أنهم قد يشكّلون “خطراً وتهديداً”..، ليس لـ”أمة” ودولة أخرى، وإنما للوبيات المالية العالمية المسيطرة على تصنيع وإنتاج واحتكار السلاح الفتاك بكل صنوفه الذري والهيدروجيني والبيولوجي، وأسواقه، ونقصد تحديداً مؤسسات تصنيع السلاح والدواء في أمريكا.
من المعروف أن شركات تصنيع الدواء في الولايات المتحدة الأمريكية، تعتبر اللوبي الثاني من حيث التأثير والقدرة على التحكم بالقرار السياسي والاقتصادي الأمريكي، بعد شركات التصنيع العسكري..، ولا نستبعد تورّطها في هذا الحدث لسوابقها المثبتة فيها..، إثر عدم فلاحها بحرب العملات والحرب التجارية بين أقوى اقتصاد عالمي (أمريكا)، ومنافسه على الصدارة (الصيني).
ولعل فيما قاله الرئيس الصيني من أن بلاده “قادرة على الانتصار على الفيروس”، قد يعني تلميحاً إلى أن بكين دخلت حالة حرب..؛ وإن كانت هذه الحرب معلنة ضد الفيروس، لكنها في الوقت نفسه تشي بأن وراء الأكمة ما وراءها..، وما يزيد ترجيحنا لوجود “إن” في الحالة الأمريكية – الصينية، أن الاقتصاد محرك الحروب.
يقول جوليان إيفانز بريتشارد، كبير الاقتصاديين الصينيين في كابيتال إيكونوميكس: إن “الانتشار السريع للفيروس يعني أنه لم يعُد هناك أي شك في تعطيله للاقتصاد خلال هذا الربع”؛ أي الربع الأول من 2020، وعليه فمن يعلم حجم الاقتصاد الصيني، يدرك تماماً ما يعنيه تعطل ربع كامل، وبالتالي يدرك فداحة الخسائر المباشرة وغير المباشرة وفوات المنفعة، التي سيتكبّدها الصينيون.
ومن باب المقاربة والقياس للخسائر، التي لا مجال حالياً لإحصائها لأن “كورونا” في حالة انتشار، يكفي تذكّر كلفة تفشي فيروس “سارس” في الصين عام 2003، الذي أصاب أكثر من 8000 وقتل 774 شخصاً، حيث أدّى حينها إلى تباطؤ في نمو الاقتصاد الصيني، وكلّف البلاد 40 مليار دولار…!.
ولو علمنا القفزة الضخمة في قدرة الصين التصديرية، حيث صدّرت للعالم في عام 1978 سلعاً تقدّر قيمتها بـ10 مليارات دولار، بينما صدّرت فقط في كانون الأول 2019 سلعاً بقيمة 238 مليار دولار، وفق بيانات موقع “ستاتستا” المتخصص في الإحصاءات؛ لكان مشروعاً لنا الاتهام بأن هناك أياديَ خبيثة وراء “كورونا”.
هذا ولم نستعرض الخسائر في قطاعات النقل والطيران والسياحة والسفر، والانعكاس السلبي على حركة الاستثمار والعملة وتوقف المصانع في الصين..، والبورصات والأسواق العالمية.. إلخ.
والسؤال الأكثر خطورة ومشروعية في الطرح هو: إن كانت وصلت الدولة العميقة في الولايات المتحدة الأمريكية، إلى حد من العجز عن مواجهة التنين الاقتصادي الصيني، ما “اضطرها” للجوء إلى الحرب البيولوجية لتدمير الاقتصاد الصيني أو على الأقل إشغاله وتخسيره وتراجع نموه، فلا شك أن العالم أمام مرحلة “نيوليبرالية” متفلتة من كل عقال…!.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com