دراساتصحيفة البعث

صفقة القرن.. تصفية للقضية الفلسطينية

 

ترجمة: هيفاء علي
عن موقع “اوي فرانسيه” 1/2/2020

من المسلّمات أن لدى دونالد ترامب حلفاء “أوفياء” هم إسرائيل، السعودية، الإمارات المتحدة، وأحياناً شركاء متقلبين مثل تركيا، ولديه من يعتبرهم أعداء: إيران وحلفاؤها.
بالنسبة للأمريكيين، فإن الحق الوحيد الذي يهمّ هو حق الحليف الأقوى “إسرائيل” التي ليس لديها ما تتنازل عنه، هناك أيضاً العناصر الفاعلة التي يحتقرها أكثر مما يحتقرها حلفاؤه العرب والذين لا يتردّد في الاستهزاء بهم علناً، أولئك الذين لا يهتم بهم على الإطلاق ونجد بينهم الشعب الفلسطيني. في هذه الظروف ليس من المستغرب أن ترى واشنطن ترغب في تقرير مصير هذا الشعب دون أي اهتمام برأيه!.
بعد الاعتراف بأن القدس هي “عاصمة إسرائيل غير القابلة للتجزئة” والجولان السوري المحتل كأرض إسرائيلية، يقترح ترامب الآن خطة لا تدعو إلى شيء سوى ضم المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية. كان يتوقع المرء رفضاً عالمياً لهذه الصفقة التي تتحدّى العقل، ولكن لا شيء من هذا القبيل حدث باستثناء محور المقاومة الذي ندّد بها واستنكرها.
لكن بعض الزعماء العرب في المنطقة، مثل الزعماء الأوروبيين، أبدوا تحفظهم الذي هو أقرب إلى المجاملة ويقع في بعض الأحيان على حدود الرضا الذاتي، تحفظ بدا أكثر وضوحاً مما كان عليه في نهاية عام 2017، عندما اعترف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل.
من جهته، رحب محور الرياض، أبو ظبي، حليف واشنطن القوي، بحذر بالخطة الأمريكية. أما بالنسبة لمصر، فهي تكتفي بدعوة “الأطراف المعنية إلى النظر بعناية ودقة في الرؤية الأمريكية من أجل تحقيق السلام”. باختصار، يتمّ الآن التضحية بالقضية الفلسطينية حتى في الخطابات الطنّانة.
أحد أكبر الأمور المجهولة يتعلق بثقل الرأي العام في هذه البلدان، فغياب الهياكل الديمقراطية لا يستبعد ردّ الفعل الشعبي. في فلسطين كما هي الحال في أي مكان آخر في العالم العربي، من المرجح أن تؤدي هذه الخطة المهينة التي لا يزال يتعيّن علينا قياس مدى نتائجها وتداعياتها، إلى الغضب العارم، عندها يمكن لدولة حسّاسة الآن للقوة الناعمة مثل الإمارات العربية المتحدة أن تأخذ ذلك في عين الاعتبار.
إذا كان الفلسطينيون لا يتوقعون سوى القليل من جيرانهم العرب، فمن المؤكد أنهم لا يتوقعون أي شيء من أوروبا، فليس لدى الاتحاد الأوروبي ما يقدمه في الملف الفلسطيني، وهو الميال إلى معاقبة (أعداء إسرائيل، على سبيل المثال)، ولا يبدو أن الاتحاد الأوربي سيمارس أي ضغط على إسرائيل لوقف الاستيطان أو المذابح بحق الشعب الفلسطيني.
إلى جانب خطاب الدول الأوروبية تهيمن الخطابات الجوفاء، ووحده الموقف الألماني يبدو أنه الأقل رضا عن إسرائيل ودونالد ترامب، حتى لو كانت برلين راضية عن التذكير بضرورة إشراك الأطراف المعنية في المفاوضات من أجل التوصل إلى حل الدولتين.
في باريس أيضاً ، يبدو أن “خطة السلام” هذه مأخوذة على محمل الجد، كما يتضح من بيان المتحدث الرسمي باسم القصر الرئاسي الذي أشار إلى أن فرنسا ترحب بجهود الرئيس ترامب وستدرس بعناية خطة السلام التي قدمها، وهي مقتنعة بحل الدولتين الضروري لإقامة سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط، وفقاً للقانون الدولي والمعايير المتفق عليها دولياً”.
لقد أصبح القانون الدولي فارغاً، إذ بينما تدوس إسرائيل على هذا القانون الدولي دون عقاب، يسارع شركاؤها الأوروبيون إلى مكافأتها بمحاولة تكييف القوانين الجمركية، وكذلك الجهود المبذولة للتشويش على معاداة الصهيونية ومعاداة السامية.
في النهاية، الاعتدال في ردود الفعل على مبادرة دونالد ترامب أمر مرفوض، ويعبّر بشكل صارخ عن النتيجة الملموسة لكل خطب التوازن التي تضع الإسرائيليين والفلسطينيين وجهاً لوجه.