صحيفة البعثمحليات

مكاشفات شفافة بين الأعضاء والمديرين والآمال بفعالية الدور مجلس المحافظة.. (برلمان مصغر) يبحث عن خدمة المواطن عند المسؤول؟

منح المشرّع مجلس المحافظة بموجب قانون الإدارة المحلية رقم 107 لعام 2011 صلاحيات واسعة، ولاسيما إقرار الخطة التنموية التأشيرية على مستوى المحافظة على الأجل الطويل والمتوسط وربطها بالخطط الإقليمية المكانية، بينما كانت المادة 32 من القانون في الفقرة الرابعة منه أكثر وضوحاً لجهة الدور المنوط بالمجلس، حيث نصّت على أن دور المجلس في “إقرار الخطط الاقتصادية والاجتماعية والخدمية السنوية الملزمة للمكتب التنفيذي التي تمثل خطة مرحلية لتحقيق الرؤية المستقبلية ومتابعة ومراقبة أداء المكتب التنفيذي لتحقيقها وتقديم نتيجة الأداء للمواطنين”، إضافة إلى مهام أخرى تم ذكرها في المادة 33 من القانون أبرزها إقرار الموازنة المستقلة للمحافظة.
وأمام ذلك يبرز السؤال عن ممارسة المجلس وأعضائه دورهم وفق ما منحهم المشرّع، أم هناك عوائق تمنعهم من تحقيق ذلك، ماذا عن أعضاء المكتب التنفيذي، ما هو دورهم في الوصل بين المجلس ومديريات المحافظة، وأخيراً ما هو مدى تفاعل الأجهزة التنفيذية في المحافظة مع المجلس وجلساته؟.

فعّال وبنّاء
جملة من الأسئلة توجّهنا بها إلى رئيس مجلس محافظة دمشق خالد الحرح الذي اعتبر أن المجلس خلال الدورات السابقة أخذ امتيازاته من قانون الإدارة المحلية الذي صدر بكل فقراته وأعطى المجلس الحرية الكافية برسم الخطط والإشراف على عمل الإدارات التابعة للمحافظة والتنبيه والمعاقبة إذا تطلب الأمر، وبرأي الحرح فإن المجلس كمجلس تشريعي ضمن محافظة دمشق، فعّال وبنّاء ويوصل صوت المواطن بصورة حقيقية من خلال أعضاء المجلس للمديرين، والمديرون متعاونون جداً –من وجهة نظره- ويؤدّون دورهم الخدمي ضمن الإمكانيات المتاحة التي ترتقي لأكثر من 90%، وبالنسبة للمديرين المعنيين في المحافظة فهم يقومون بعملهم على أكمل وجه ضمن الإمكانيات المتاحة، مؤكداً أنه خلال عضويته في المجلس لم تسجّل أي حالة عقاب أو حجب ثقة.
وحول العلاقة بين مجلس المحافظة والمكتب التنفيذي كشف الحرح، أن المجلس غير معنيّ بدفع المكتب التنفيذي إلى محاسبة المديرين المقصّرين، فلا مجلس المحافظة ولا المكتب التنفيذي هو من يحاسب، وإنما المجلس يشير إلى الخطأ، ويرفع التوصيات للوزارات المختصة لاتخاذ الإجراءات المناسبة بحق المقصّرين.
وأوضح الحرح أن مجلس المحافظة هو حالة تشريعية، والمكتب التنفيذي هو منتخب من المجلس، وبالتالي فإنه وفق قانون الإدارة المحلية أي –المجلس- هو المخوّل رسم الخطط لإرسالها إلى المكتب التنفيذي لتنفيذ هذه الخطط عبر الإدارات، مشدّداً على أن إدارة المجلس تعمل دائماً على تفعيل مواد قانون الإدارة المحلية، وتفعيل الدور الجماهيري من خلال هذه المؤسسة التشريعية التي تلحظ رأي الشارع وتسعى إلى تقديم أفضل الخدمات له.

مصلحة المواطن
بدوره قال عضو المكتب التنفيذي لقطاع التخطيط والموازنة المالية في محافظة دمشق فيصل سرور: إن المكتب التنفيذي يعدّ الخطط التي تدخل في نطاق عمل المجلس ويرفعها للتصديق ومتابعة تنفيذها وذلك بموجب المادة /٣٨/ من قانون الإدارة المحلية رقم /١٠٧/ لعام ٢٠١١، موضحاً التزام أعضاء المكتب التنفيذي والمديرين بالطروح التي يتم تقديمها خلال جلسات المجلس، وخاصة فيما يتعلق بالتدخل الفوري للمعالجة، حيث يتم التوجيه به بشكل مباشر من رئيس المجلس للمدير المختص أو عضو المكتب التنفيذي المختص أو يتم التكليف لإعداد دراسة بالموضوع ويقع على عاتق أعضاء المجلس التحقق من المعالجة على أرض الواقع من عدمها وإعلام المجلس بذلك.
وبيّن سرور أن دور أعضاء المكتب التنفيذي يظهر جلياً من خلال متابعة كل ما يتعلق بأمور المواطنين وتنفيذ ما يوكل إليهم من مهمات من المحافظ، وخاصة فيما يتعلق بالواقع الخدمي لمحافظة دمشق، إضافة إلى وضع مقترحات من شأنها تحقيق الاستثمار الأمثل لأملاك المحافظة، وكل ذلك وغيره يتم بالتنسيق الكامل والمتواصل مع المديريات المعنية في المحافظة.
وأكد سرور أن الآليات التي يتخذها مجلس المحافظة تضع في الدرجة الأولى مصلحة المواطن، ولاسيما فيما يخص خطط التنمية والخدمات والموازنة وجميع القرارات التي تصدر عنه، فالهدف الرئيسي للعمل تسهيل الخدمات للمواطنين، وحتى الرسوم والغرامات التي يتم فرضها من المجلس إنما تفرض بالمدى المعقول وبشكل لا يرهق المواطن مادياً.

عقوبات رادعة
من جهته ذكر المهندس مازن الغراوي عضو المكتب التنفيذي لقطاع الثقافة والسياحة والآثار، أن أعضاء المكتب التنفيذي هم الجهة التنفيذية المنتخبة من مجلس المحافظة، ليكونوا مسؤولين بشكل مباشر عن تنفيذ الخطط والبرامج التي يقرّها المجلس، ويرأس المحافظ المكتب التنفيذي، وبيّن المهندس الغراوي أن العمل في المكتب التنفيذي جماعي ولا يجري كلّ بحسب قطاعه فقط، فعند اجتماع المكتب تطرح الموضوعات أمام الجميع لإيجاد حل متكامل وباتفاق أعضاء المكتب مجتمعين.
وفيما يخص متابعة عمل المديرين ومعالجة الهموم التي أثيرت خلال جلسات مجلس المحافظة، ألقى م. الغراوي جزءاً من المسؤولية على ضعف الإمكانات المادية والبشرية نتيجة الحرب الظالمة على بلدنا، فعندما يناقش مجلس المحافظة عمل المديرين في مديرياتهم، فالمدير يقول إن الإمكانيات لم تعُد كما كانت في السابق، “فنصف العمال غادروا ولاسيما في قطاعات النظافة والصيانة والكهرباء والرقابة”.
والأمر الثاني برأي غراوي هو غياب العقوبات الرادعة في التشريعات، فمثلاً في قطاعي التموين أو الخدمات، هنا العقوبات المنصوص عليها لمعالجة أي مخالفة غير رادعة للمخالف، فـمثلاً 25 ألف ليرة أكبر غرامة في التموين، وهي لا تمثل شيئاً لصاحب المحل، فكل شهر يخالف دون اكتراث، وعند إغلاق المحال المخالفة تخرج الأصوات المطالبة بفتح تلك المحال، مطالباً بتشديد العقوبات لمن يتلاعب بقوت المواطن، مستدلاً بمرسومي السيد الرئيس بشار الأسد “3 و4” والإجراءات التي أقرّاها لملاحقة المتلاعبين بالاقتصاد الوطني والليرة.

متابعة مستمرة
المهندس موريس حداد مدير النفايات الصلبة في محافظة دمشق، أوضح أن اجتماعات مجلس المحافظة الدورية التي تعقد كل شهرين يتم من خلالها متابعة تنفيذ الخطة التي وضعها المجلس لكل قطاع مع المدير المسؤول، من خلال استفسار أعضاء المجلس عمّا تم تنفيذه من الخطة وما هي المعوقات وإن كانت هناك ملاحظات يمكن تداركها، مبيّناً أن هناك بعض الأمور التي تعتمد على مناقشة تنفيذ الخطة مع المدير المختص وأين وصل العمل فيها، وفي حال تمت الإجابة من المدير بالدورة الأولى، في الدورة الثانية يتم السؤال في حال وعد خلال شهر أو شهرين عن حلها، ليتم التأكد من تحقق ذلك على أرض الواقع، مشيراً إلى أننا كمديرين نتعاون مع أعضاء مجلس المحافظة حسب الإمكانيات المتوفرة لنصل إلى النتيجة الأفضل.

بوابة تفاعل
إذاً ثمة تفاؤل كبير من أعضاء المجلس والمعنيين بالمحافظة بالدور المهم الذي يقومون به لتقديم أفضل الخدمات للمواطنين الذين يجهل بعضهم حجم الأعباء والتحدّيات والمسؤوليات الملقاة على عاتق هذه المؤسسة التي دائماً ما تكون على تماسٍ مباشر مع الهم الخدمي، ليبقى الأمل بأن تكون هذه المجالس المنتخبة بوابة حقيقية وفعّالة للتواصل بين المواطن والمسؤول المحلي لحل كل المشكلات التي تواجهه، بحيث نصل بالفعل إلى برلمانات محلية مصغّرة تمارس دورها وفق ما منحها المشرّع.
ميس خليل