صحيفة البعثمحليات

يوميات البطاقة الذكية

 

 

انتقادات كثيرة تطول -البطاقة الذكية- تصل إلى درجة السخرية في أغلب الأحيان بالقول إنها تفوّقت على العقل البشري بتقنيتها العالية ودخلت موسوعة “غينيس” من بابها الواسع، وربما أصبحت الأكثر شهرة في عالمنا الواقعي والافتراضي، بالنظر إلى سعة صدرها في احتواء واحتضان احتياجات المواطنين من السكر والرز والشاي والمازوت والبنزين والغاز المنزلي -ولا ندري ما سيتبعها من مواد إضافية لاحقاً- في إطار خطط الترشيد والتقنين الحكومي.
يوميات البطاقة الذكية ومشكلاتها الفنية والتقنية وحدّة الانتقادات التي تطول أداء “تكامل” لا تلغي أهمية وضرورة العمل بهذه البطاقة لترشيد الاستهلاك ووضع حدّ لحالة التلاعب بقوت المواطن واستغلال واستثمار الظروف الاقتصادية وقلة المواد والموارد، والعمل على إيصالها لمستحقيها وبطريقة منتظمة وسلسة بعيداً عن الفوضى ومشهد الازدحام والتدافع اليومي على طوابير الانتظار، ولكن تبقى المشكلة في أن البرنامج يحتاج إلى تحديث لحظي وإلى تطوير يومي في آليات عمل البطاقة، وحل كل العقد الإجرائية التي تحول دون استكمال العملية كما هو مخطط لها بعيداً عن التجارب التي أرهقت كاهل المواطن الذي لم يعُد يثق بـ”تكامل” ولا بأي إجراءات مماثلة، بالنظر إلى حجم ما يعانيه من مشقة وصعوبة كبيرة في الحصول على حصصه من المواد عبر ما يسمّى البطاقة الذكية.
على العموم مشهد الطوابير الإضافية والازدحام على أبواب منافذ السورية للتجارة يعيدنا إلى المربع الأول من الأزمة، ومردّ ذلك أن هذه التجربة وضعت في التنفيذ قبل أن تنضج بشكل كافٍ فنياً وتقنياً، ما أربك الجهات المعنية والمواطنين على السواء، الأمر الذي يفرض على “تكامل” إعادة النظر كلياً في برنامجها ومعالجة الأخطاء الفنية، فهل يكفي أن نكحّل عيوننا بأسطوانات الغاز المنزلي في سيارات التوزيع المنتشرة في الشوارع والأحياء دون الحصول عليها فعلياً، في حين تحصل على المادة بيسر وسهولة في السوق السوداء وبأضعاف أضعاف سعرها، وهل يكفي القول إن مراكز ومستودعات السورية للتجارة مليئة بالمواد الغذائية، والعشرات بل المئات من المواطنين ينتظرون لساعات بل لأيام للحصول على مخصصاتهم من السكر والرز والشاي، بينما المواد متوفرة وبوفرة في الأسواق والمحال وبأسعار خيالية.
خلاصة القول مما تقدم أننا نرى أن المواطن لم يعُد يحتمل التجارب، وعليه لا بدّ من تقييم تجربة “تكامل” وإنهاء الجدل القائم حول الكثير من الجوانب الفنية المتعلقة بعمل البطاقة، لتفي بالغرض المطلوب، لا أن تكون عبئاً على المواطن وفرصة إضافية للسماسرة ومرتزقة الأزمات لزيادة مساحة جشعهم واحتكارهم ورفع الأسعار على هواهم.
معن الغادري