دراساتصحيفة البعث

لن تفلت تركيا من العقاب

 

ترجمة: سمر سامي السمارة
عن موقع: غلوبل ريسرتس 7/2/2020
أمر الرئيس التركي أردوغان قواته بتوجيه ضربات لمواقع الجيش السوري، رداً على ما وصفه استهداف قافلة عسكرية تركية متجهة إلى سراقب في محافظة إدلب شمال غرب سورية، بالرغم من أن الجيش السوري كان يمارس ببساطة حق بلاده في الدفاع عن النفس عندما أطلق النار على قافلة غازية ، ما أسفر عن مقتل خمسة جنود أتراك وإصابة تسعة آخرين، وهذا الحق مكفول بموجب القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
ينص الميثاق على أنه ” ينبغي إخطار مجلس الأمن على الفور لممارسة هذا الحق في الدفاع عن النفس” ، وعليه يُفترض منه اتخاذ إجراء “لصون أو استعادة السلم والأمن الدوليين”، إلا أن مجلس الأمن لن يفعل شيئاً، إذا قدمت سورية شكوى ضد تركيا، التي تقوم بأعمال عدوانية منذ تسع سنوات تقريباً، فهي تتمتع بدعم غربي ضمني لهذه الحملة.
ومع ذلك، يبدو أن تركيا لن تفلت من العقاب، إذ قررت أخيراً روسيا التي حاولت -دون أن تتمكن- لجم طموحات أردوغان في سورية، أن تتحدى مزاعم أنقرة “الهزلية” من أنها تدافع فقط عن “مصالح” تركيا بغزو سورية.
كان من المفترض أن تكون تركيا وروسيا شريكتين في عملية أستانا التي ترمي لإنهاء الحرب على سورية. وبموجب اتفاق عام 2018، كان من المفترض فرض وقف لإطلاق النار في إدلب التي تسيطر عليها “هيئة تحرير الشام” التابعة لتنظيم “القاعدة” وحلفاؤها من التنظيمات الإرهابية، واتخاذ خطوات أخرى لتحقيق الاستقرار في المحافظة، بينما كان الهدف من الدوريات المشتركة مراقبة وقف إطلاق النار، حيث تم تكليف تركيا بمهمة فصل التكفيريين عن “بقية الفصائل” ونزع سلاح الإرهابيين، وإخراج الأسلحة الثقيلة والتكفيريين إلى منطقة عازلة حول إدلب، وفتح الطرق الرئيسية بين الشمال والجنوب والشرق والغرب الذي يمر عبر إدلب، ومنع الهجمات على القوات السورية من إدلب. ولكن عندما لم تف تركيا بأي من التزاماتها، أطلقت روسيا الهجوم العسكري السوري- الروسي المخطط له منذ فترة طويلة لتحرير إدلب.
يبدو أن شراكة أستانا قد انتهت، وأن انهيار أنقرة ووكلائها لا مفر منه، إذ أن الأهداف التركية والروسية كانت دوماً على خلاف. فبعد فترة قصير من بداية الحرب على سورية في آذار 2011 ، حاولت أنقرة بكل ما أوتيت من قوة لتقويض وإسقاط الحكومة الشرعية في سورية. إذ أنشأت تركيا ما يسمى بـ ” الجيش الحر” لقتال الجيش السوري، و”المجلس الوطني السوري” ليحل محل الحكومة، كما جندت جحافل من التكفيريين الأجانب للانضمام إلى المعركة.
من جانبها شكلت روسيا تحالفاً مع سورية يعود إلى أيام الاتحاد السوفيتيي إذ قدمت الدعم السياسي والعسكري للحكومة. وفي نهاية أيلول العام 2015 ، أرسلت روسيا قواتها الجوية لتوفير غطاء جوي للقوات السورية في عملياتها ضد الإرهابيين، الأمر الذي ساعد الجيش السوري على استعادة معظم الأراضي التي استولى عليها هؤلاء الإرهابيين.
خلال السنوات التسع الماضية، لم يتخل أردوغان عن خطته للإطاحة بالحكومة الشرعية في سورية، على الرغم من تظاهره بتكريس جهوده مع نظيره الروسي لإيجاد نهاية سلمية للحرب على سورية. لذا يبدو أنه لإنهاء الحرب في أقرب وقت ممكن، أصبح لابد لسورية وحلفائها التوصل إلى تسوية بشأن تصرفات تركيا والتوصل إلى اتفاق سياسي لما بعد الحرب.