ثقافةصحيفة البعث

“مكاشفات” مبادرة ثقافية خلاقة وجريئة

في الثلاثاء الأول من كل شهر، نحن على موعد جديد من فعالية شهرية حوارية ثقافية اجتماعية أدبية منوعة ضمن نشاطات فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب بعنوان “مكاشفات” تديرها سمر تغلبي، وجاء في التعريف بهذه الفعالية: الفعل الثقافي إن لم ينبع من رؤية واعية للمشهد الثقافي الحالي ورؤية مستقبلية ثاقبة تستطيع التنبؤ بالتغيرات القادمة وفقاً للمعطيات الحالية فإن هذا الفعل لن يكون ذا أثر على الساحة الثقافية، ومن هذا المنطلق نشأت فكرة “مكاشفات” علّها تكون مشكاة عبور نحو أسلوب جديد في الحوار الثقافي الصريح الذي ينطلق من المحبة وينفتح على المحبة، ولأن الثقافة ليست مجرد فعل كتابة أو فعل حوار بل هي فعل حياتي ينبثق عنها، ولأن النخب الثقافية لا تتوقف مسؤوليتها عند ولادة الحرف وإنما تتجاوزه لتكون ممسكة بزمام التغيير المجتمعي من خلال الارتقاء بالوعي الجمعي للوصول إلى ثقافة تنويرية حقيقية تسمو بالفرد وتنطلق بالمجتمع نحو بناء فكري ثقافي يكون قادراً على احتواء كل التطورات القادمة على جميع الأصعدة، بسبب كل ذلك كان لا بد من مكاشفات تتجاوز جدران المؤسسات الثقافية لتؤثر على مجتمع أنهكته الحرب كما أنهكه الجهل الذي يسري متزايداً في أوصاله. والجهة المستهدفة هم جمهور المثقفين على اختلاف أعمارهم بوصفهم صانعي التغيير المفترضين، وبشكل خاص للشباب الذين قُدِّر لهم أن يحملوا أمانة الغد والتي لن يصونوها دون فكر منفتح ودرجة عالية من الوعي.

خطة عمل
تتضمن خطة عمل “مكاشفات” للعام الحالي الأنشطة المقترحة التالية: “مشكلة تردي اللغة العربية.. واقع وحلول”، و”كيف ننتقل ثقافياً من صراع الأجيال إلى تكامل الأجيال”، وتقديم دراسات مقارنة للعديد من الأعمال الأدبية ومنها: القضية الفلسطينية في الرواية بين الكتاب الفلسطينيين والكتاب العرب، وتطور القصة القصيرة جداً في سورية، إضافة لدور المسابقات الشعرية العربية في تطوير التجارب الشعرية العربية “أمير الشعراء نموذجاً” والحديث عن منظمات العمل النسوي للمرأة السورية ومبررات الانحراف عند الأطفال واليافعين والمؤسسات الثقافية الرسمية السورية مالها وما عليها وإقامة أنشطة أدبية بعناوين مختلفة في مناسبات خاصة، وطرح مشكلات الدراما السورية بين الماضي والحاضر والفن التشكيلي بين الحس الإبداعي والدراسة الأكاديمية.

أهداف مكاشفات
أما الأهداف العامة لـ”مكاشفات” فتتمحور حول إقامة ندوات فكرية ثقافية لمناقشة قضايا تعنى بالحالة الثقافية عموماً بغية الحفاظ على التماسك الثقافي السوري، وفتح حوارات مفتوحة حول قضايا اجتماعية عامة لتقييم المعايير الاجتماعية السائدة وصولاً إلى امتلاك الوعي والجرأة اللازمين لتغيير المغلوط منها، وإقامة الأنشطة الأدبية الهادفة إلى تطوير العمل الإبداعي والارتقاء به من خلال النقد البناء، وتقديم دراسات أدبية للوصول إلى رؤية تستطيع من خلالها تحديد السمات العامة لأدب المرحلة وفقاً للمقارنة الزمانية والمكانية، وطرح قضايا تتعلق باللغة العربية وسبل الارتقاء بها.

نتاج ثقافي
وحول الفعالية تحدث رئيس فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب د. محمد الحوراني فقال: فكرة “مكاشفات” طرحت للتكامل والتشاركية بين المحاضر أو صاحب الفكرة والمتلقي، لأنه لا يمكن إنتاج فعل ثقافي دون مشاركة الجميع والانتقال إلى الأرياف والمناطق النائية التي تكاد لا تعرف الثقافة بمعناها الموجود في المدن، ومن جهة أخرى فإن الهدف الأساسي من “مكاشفات” هو البعد عن المجاملات ومحاولة إيجاد حل للمشكلات التي نعاني منها في مختلف المجالات.
مقترحات
ومن ضمن الاقتراحات التي قدمت خلال الجلسة الأولى تحدث رئيس تحرير مجلة “أسامة” قحطان بيرقدار عن أهمية البدء بالطفل والتركيز عليه ثقافياً وأدبياً وعلمياً، والنهوض بواقعه لبناء مجتمع أفضل، وقال د. إبراهيم سعيد: إن “مكاشفات” ليس برنامجاً، بل هو ملتقى لتقديم الاقتراحات، و مشروع ثقافي وطني يناقش قضايا سياسية واجتماعية وعلمية وأدبية، ولكن كلما ضاق الموضوع كلما استطعنا البحث فيه أكثر فمثلاً موضوع الأزمة يحتاج إلى جلسات عديدة لدراستها وإعادة بناء المواطن السوري من جديد.
بدوره قال الأديب غسان كلاس: هناك الكثير من الانفتاح والتبني لمقولات وقضايا ومساءلة المعنيين في هذا المضمار لتتحول من النظرية إلى التطبيق، “مكاشفات” تسلط الضوء على كل شيء، وكل ما يتعلق بالإنسان في مرحلة حساسة وعصيبة وضرورية وهذا يحتاج إلى خطط وأفكار ومقترحات وعناوين كبيرة تحتاج كل منها إلى لقاءات وندوات وحوارات وجلسات مطولة لدراستها.
وبيّن الشاعر كمال سحيم أن “مكاشفات” هي حاجة سياسية ثقافية واجتماعية ومعرفية ووطنية، والوطن هو المشعل الَّذي يضيء هذه القضايا، ونحن نحتاج إلى كل ما عرض من قضايا وأنا مع تكثيف وتجزيء الأفكار لتأخذ حقها من الدراسة والبحث. وقالت نجوى هدبة إن فكرة “مكاشفات” يجب أن تفسح المجال أمام المواضيع العلمية للدراسة والتعميق ولنأخذ مثلاً موضوع الأمراض المنتشرة والمزمنة والتي يحتاج المفكر والمبدع أن يسلط الضوء عليها لتلافيها والقضاء عليها، وأشار الأديب محمد أبو معتوق إلى منهجة مكاشفات، ويكون صاحب الحوار مختصاً وصاحب فكر حقيقي، وأتمنى أن تكون هذه المكاشفات جزء تطبيقي ومؤسساتي.
وتمنى أيمن الحسن لهذا المشروع والمحاور الصعبة والإشكالية أن تنجح فيما هي قائمة عليه، وأضاف: نحن نحتاج لوضع أسئلة مهمة جارحة وجريئة ونختار الشخص الَّذي نريد الحوار معه والذي يجيب بكل مصداقية، ورأى أحمد علي هلال أن “مكاشفات” مبادرة خلاقة مبدعة جريئة، ونحن في صورة إنتاج مثقف كان حصيلة هذا المجتمع، فالتمكين الثقافي يحتاج للوعي وللأدوات والاستراتيجيات، والخطاب الثقافي بشكل عام يحتاج إلى تحديث. وقدم الشاب جود الدمشقي رأيه في “مكاشفات” حيث قال: نحن نحتاج إلى تبسيط في الثقافة وعرض الأفكار لتصل إلى سواد الشعب، وتحقق المراد منها وهو النهوض بالوطن، لذلك تحتاج الأفكار والمقترحات والأدب بشكل عام إلى تبسيط دقيق ليصل إلى أكبر قدر ممكن من الفئات المثقفة ويجتذب الفئات غير المثقفة لقراءته وفهمه لتطوير الفكر عموماً.
جُمان بركات