أخبارصحيفة البعث

أمريكا.. دولة لا أخلاقية تاريخياً

وصفت السفيرة الأمريكية السابقة في أوكرانيا ماري يوفانوفيتش سياسات واشنطن الحالية بأنها غير أخلاقية، وتقوم على التهديدات، هو وصف دقيق لا يحتمل الشك، ولكن ما فات السيدة الأمريكية أن سياسات دولتها غير الأخلاقية ليست جديدة، وليست مرتبطة بالإدارة الحالية، بل هي تاريخية، قائمة منذ قيام الولايات المتحدة.

خلال إدارة ولايته، ابتز رجل الأعمال، ترامب، الدول المحسوبة على الولايات المتحدة أكثر من تلك المناهضة لها، لشراء قرارها السياسي والتحكّم بأنظمتها الحاكمة، ورهَن الدعم المقدّم لهذه الدول بنمط سلوكها التصويتي في المنظمات الدولية اتجاه القرارات المهمّة بالنسبة لواشنطن.

دفع ذلك دولاً فقيرة في أمريكا اللاتينية مثلاً للتصويت بنعم على قرارات ترامب المستهترة بالقانون الدولي، خوفاً من قطع المساعدات عنها، مثل غواتيمالا وهندوراس، أما عن الدول الغنية، فابتزاز واشنطن لممالك الخليج في أموالها بات أوضح من أن يتم شرحه، وقد طلب علناً من السعودية وشقيقاتها دفع أجور حماية عروشها، ثم ساوم السلطة الفلسطينية على القضية بالترغيب والترهيب، وهو مالم ينجح به حتى الآن.

لم يستثنِ ترامب حتى حلفاءه الكبار من الابتزاز السياسي، مثل دول الاتحاد الأوروبي وكوريا الجنوبية واليابان، ودول حلف شمال الأطلسي، وعلى رأسهم تركيا، بهدف الحصول على مغانم اقتصادية من هذه الحكومات مقابل الاستمرار في تقديم الدعم الأمريكي السياسي والعسكري.

في المقابل، مارست إدارة ترامب سياسة الابتزاز والتهديد تجاه الدول المناهضة لأمريكا، وعلى سبيل المثال لا الحصر كان انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، محاولة غير أخلاقية من ترامب لابتزاز طهران والحصول منها على تنازلات أكبر.

وفي إشارة تاريخية بسيطة لسياسات واشنطن القائمة على الابتزاز، نذكر بأن الولايات المتحدة قامت خلال حرب فيتنام، وبعد أن فشلت في حربها على الشمال الفيتنامي، بالضغط على حلفائها في الجنوب لقبول اتفاق التسوية السلمية، رغم أنه كان اتفاقاً سيئاً للجنوبيين، وقد هددت بقطع المساعدات الاقتصادية عنهم إذا لم يلتزموا بالاتفاق وبإنهاء الحرب، لتتمكن الولايات المتحدة من الانسحاب من فيتنام..

لاشك أن انتقاد السفيرة الأمريكية السابقة في أوكرانيا ماري يوفانوفيتش للسياسات الأمريكية الحالية مرتبط إلى حد كبير بالخندق الذي تقف فيه يوفانوفيتش في الاتجاه المناهض لترامب، لكن ذلك لا يلغي كل الحقائق السابقة، وغيرها الكثير من المواقف الأمريكية اللاأخلاقية التي يعجز مقال واحد عن حصرها.

وسام إبراهيم