اقتصادصحيفة البعث

عقدة أسواق الهال..!

لم تُحلّ عقدة أسواق الهال إلى الآن، فلا يزال المزاج العام لتجّاره هو المسيطر على ما يورّد لها من منتجات زراعية منتجة محلياً وتحديداً لجهة فرض أسعار لا تنصف الفلاح المنتج، وتقتص من المستهلك..!.
فلا تزال قواعد هؤلاء المصنّفين ضمن خانة التجار –مع العلم أنهم بالنهاية سمسارة وليسوا تجاراً- ترجّح لهم الكفة عند أية عملية بيع أو شراء، في مشهد يفضح ممارسة هؤلاء الذين يُعتبرون أساطين الاحتكار بسيطرتهم على الأسعار، ويتحكمون بتدفق السلع دون أدنى مراعاة يمكن لها أن تُذكرَ لوضع الفلاح المجبر على التعامل معهم بحكم عدم وجود منفذ آخر غيرهم، أو إنصافه عبر تحديد سعر يحقق له هامشاً من الربح بحدوده الدنيا، ولا أي مراعاة –في الوقت ذاته- للمستهلك الذي غالباً ما يكتوي بلهيب أسعار لا يوقدها ولا يطفئها إلا هؤلاء التجار…!.
سبق لنا أن أشرنا بأكثر من مناسبة إلى بعض القواعد الضلالية لهؤلاء السماسرة التي تؤمّن لهم عمولات بنسب عالية تصل أحياناً إلى 7% سواءٌ ربح الفلاح في بضاعته أم خسر مقابل الأرباح الطائلة التي يحققونها، والأدهى من ذلك -حسبما أكده بعض الفلاحين العارفين بخفايا السوق- هو قيام سماسرة السوق بكسر أسعار الخضار والفواكه المورّدة لشرائها بأرخص قدر، لبيعها لاحقاً لتجار نصف الجملة والمفرق بأغلى سعر ممكن..!.
إن أحد الحلول الكفيلة بضبط أسعار السوق يتمثل بتطبيق الفاتورة التي من خلالها يمكن معرفة نسبة الأرباح الحقيقية، لكننا إلى الآن غير قادرين على تطبيقها، فالحكومة ممثلة بوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك غائبة حقيقة عن هذا الواقع، وكلّ من المزارع والمستهلك يشتكي، وما من حل سوى إلزام التجار بتداول الفاتورة أو إنشاء مراكز منافسة لأسوق الهال..!.
وهناك خطوات قانونية تُعنى بالأسواق لكن المشكلة بالتطبيق، فقانون المنافسة ومنع الاحتكار على سبيل المثال لم نرَ له ذلك المنعكس على أرض الواقع، فالخطوات العملية لم تواكب الخطوات القانونية التي مشت بسرعة، إلى جانب أن هناك بعض المتنفذين من مصلحتهم أن يبقى الوضع على ما هو عليه، لذلك يحاولون وضع العراقيل كيفما شاؤوا، فإذا لم يستطيعوا السيطرة على القانون يسيطرون على التنفيذ العملي…!.
لعل من حقنا أن نتساءل عن دور كل من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، واتحاد غرف التجارة، واتحاد الفلاحين، تجاه ما يحصل في أسواق الهال؟.
أوَلَم يئنِ الأوان لوضع حدّ لتمرّد أسواق الهال وإنقاذ كل من الفلاح المورّد والمستهلك من جشع السماسرة الذين لا يؤمنون إلا بقاعدة: التجارة ربح وربح فقط..؟!.
أم أن هناك بالفعل جهات متنفّذة ومستفيدة من هذا الواقع لا يمكن ثنيها أو التصدي لها..؟.
أسئلة نضعها في رسم الجهات المعنية لاتخاذ الإجراءات الكفيلة بإنصاف المزارع والمستهلك، بحيث لا يهجر الأول أرضه نتيجة خساراته المتتالية ولا يطمع بفواحش الأرباح، وفي الوقت نفسه لا يكتوي الثاني بلهيب الأسعار…!.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com