دراساتصحيفة البعث

أوروبا الصماء

ترجمة: عائدة أسعد

عن بوليتيكو 16/2/2020
وقع خلاف يوم السبت الماضي خلال مؤتمر ميونيخ بين الولايات المتحدة وحلفاء أوروبيين رئيسيين حول ما إذا كان سيتمّ تركيب معدات اتصالات الجيل القادم من الصين في العلن، مما كشف عن الفجوة العميقة في العلاقة الأطلسية المشحونة أصلاً بشأن كيفيّة الاستجابة للتأثير المتزايد لبكين.
إن واشنطن تحث الحلفاء الأوروبيين منذ أشهر على عدم شراء تكنولوجيا الجيل الخامس من Huawei بحجة أن الشركة هي حصان طروادة من شأنه أن يسمح للصين بالاستفادة من شبكاتها وتخريبها.
ومع الاعتراف بهذه المخاطر تنظر العديد من الدول الأوروبية إلى شركة Huawei كبديل مناسب للعروض المتنافسة، وهي قلقة أيضاً بشأن التداعيات طويلة الأجل لحجب الشركة الصينية بالنظر إلى اعتماد أوروبا المتزايد على التجارة مع الصين.
وقال وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر أمام غرفة مكتظة في مؤتمر ميونيخ الأمني، وهو تجمع سنوي لكبار ممثلي الدفاع وصنّاع القرار في السياسة الخارجية: “ما زلت أؤكد لأصدقائي في أوروبا.. أن مخاوف أمريكا بشأن التوسّع التجاري والعسكري لبكين يجب أن تكون من اهتماماتهم”.
تأتي هذه التصريحات عقب إعلان المملكة المتحدة الأسبوع الماضي أنها ستسمح لشركة Huawei بالدخول، على الرغم من مقاومة واشنطن، كما تفاوض ألمانيا أيضاً حول ما إذا كانت ستفتح أبوابها أمام شركة Huawei وهي خطوة يقول المسؤولون في برلين إنها الآن أكثر احتمالاً بعد خطوة المملكة المتحدة.
كما حذّر إسبر من أنه إذا تجاهلت أوروبا الدعوة الأمريكية فإنها تخاطر بتقويض حلف الناتو وقال: “إذا لم نفهم التهديد ولم نفعل شيئاً حيال ذلك في نهاية المطاف يمكن أن يُعرّض أنجح تحالف عسكري في التاريخ للخطر”.
وعلى الرغم من ذلك الخطاب الصارخ لم يصل المسؤولون الأمريكيون إلى حدّ تجديد التهديدات بتقليص تبادل المعلومات الاستخباراتية مع الحلفاء الأوروبيين إذا تجاهلوا الدعوة الأمريكية.
وحثّ روبرت بلير المسؤول الرئيسي عن إدارة ترامب في السياسة الدولية لـ  G5 الحكومة البريطانية على إلقاء نظرة فاحصة على قرارها، لكنه قال للصحفيين إنه لن يكون هناك تراجع في التعاون الاستخباراتي الأمريكي مع المملكة المتحدة حتى لو مضت قدماً في الخطط.
إن هذه الإشارات تعكس الصعوبة التي تواجهها الولايات المتحدة في محاولة إقناع حلفائها بدعم نهجها تجاه الصين، وحتى تتمكن الولايات المتحدة من تقديم أوروبا بديلاً قابلاً للتطبيق لـ Huawei من المحتمل أن يبقى هذا التحدي قائماً .
أما تومس إلفيس الرئيس السابق لإستونيا فقد قال على هامش المؤتمر: لا يمكنك أن تقول لا تشترِ هواوي  دون تقديم شيء بدلاً منه، واقترح عرض الولايات المتحدة للمساعدة في دعم نوكيا وأريكسون المنافسين الأوروبيين لـ هواوي، لكن القضية الأعمق هي اختلاف تصوّر الخطر الذي تشكله الصين، ولفت إسبر إلى أن الغرب بحاجة إلى الاستيقاظ من التحديات التي يطرحها التلاعب الصيني بالنظام الدولي القائم منذ وقت طويل والقائم على القواعد.
لكن العديد من المسؤولين الأوروبيين -وخاصة أولئك الذين يتوقون إلى جذب الاستثمارات الصينية- لا يوافقون على ذلك، وهم يريدون من أوروبا أن تغازل الصين وتواصل علاقاتها الوثيقة، وذلك ما يثير القلق في مؤسّسة السياسة الخارجية لواشنطن.