أخبارصحيفة البعث

لبنان المُتخيّل… ولبنان الحقيقي..

 

د. مهدي دخل الله

لبنان المُتخيّل: هو ذاك الذي وصفه بيير الجميّل الجد بأن «قوته في ضعفه»، وهو «سويسرا الشرق»، البلد «المحايد» الذي ينأى بنفسه عن مشاكل المنطقة. هذا البلد المتخيل مازال موجوداً في رؤوس بعض السياسيين اللبنانيين، وهذا ما دفعني لكتابة هذه السطور بعد أن صرّح أحد دعاة «التخيل السياسي» قبل يومين بأن لبنان ينبغي أن يكون حيادياً، وألا يتدخل في «مشاكل المنطقة» منتقداً بشدة المقاومة ودورها في الواقع اللبناني..
لبنان الحقيقي: هو ذاك البلد الذي يسعى شعبه كي يكون مستقلاً استقلالاً فعلياً، لأن الاستقلال الفعلي ينهي ظاهرة «الدكاكين السياسية» المرتبطة بأعداء لبنان الذين يريدونه بلداً تابعاً من الدرجة العاشرة..
وسورية هي البلد صاحب المصلحة الأكبر بين دول العالم كلها في أن يكون لبنان مستقلاً استقلالاً فعلياً، ذلك لأنه كان دائماً «النافذة» التي يتسلل عبرها «الريح» إلى البيت السوري، سواء في شكل مؤامرات قوى الهيمنة أو عبر الطيران الحربي الصهيوني..
ومن المعروف أن الموقع الجيواستراتيجي للعاصمة دمشق غير مناسب، لأنها تقع في «جيب» جبال لبنان الشرقية، ما يسهّل على الطيران الصهيوني المعادي الالتفاف عليها من الشمال والغرب..
واليوم.. ونحن نخوض حرباً عالمية بكل مضامينها، لا بد من متابعة ما يحصل في هذا البلد خاصة أن جماهيره خرجت إلى الشوارع، والشيء الوحيد الاستراتيجي الذي يجمعها هو استقلال لبنان الفعلي على الرغم من أن هناك من يحاول استغلالها باتجاه آخر..
لبنان الحقيقي هو بلد المقاومة، فلولاها لما كان باستطاعة السياسي الحفيد أن يتشدق عبر الإعلام عن «حياد» لبنان، وينتقد المقاومة. لولا هذه المقاومة، وهي أمر حقيقي، لكانت إسرائيل آمرة ناهية هناك، ولحبست«حياد» لبنان في خيال هؤلاء المحكومين بالفنتازيا والسباحة في محيطات الأوهام..
ماذا يفعل لبنان «المحايد» مع الأطماع الصهيونية المعلنة والمعروفة؟.. وماذا يفعل مع نصف مليون لاجئ فلسطيني متمسكين بحق العودة؟ وماذا عن سورية؟؟ حسناً لنذكركم بالموضوع..
كانت الخطة الأولى للإرهابيين وداعميهم عام 2012 السيطرة على حمص والقصير غرباً باتجاه طرابلس بغية إنشاء «دولة إرهابية» تحقق هدفين مرحليين للقضاء على سورية ولبنان معاً. الهدف الأول الحصول على ميناء على البحر (طرابلس) لوصول اللوجست من الخارج دون مِنّة من أحد، والثاني قطع سورية في المنتصف إلى سورية شمالية وأخرى جنوبية بما يسهّل الانتهاء من القسمين..
الإرهابيون اللبنانيون في طرابلس سيطروا عندها عملياً على هذه المدينة المهمة في «لبنان المحايد»، وسيطر الإرهابيون في سورية على جزء من حمص والقصير وقلعة الحصن باتجاه جنوب غرب. لكن الجيش المعجزة في سورية مع المقاومة في لبنان استطاعا إنهاء هذا «الحلم» الإرهابي، وأنقذا سورية ولبنان دفعة واحدة..
فليتصوّر من أراد لو أن الإرهابيين سيطروا على سورية كيف سيكون حال لبنان؟ عندها كان على الحفيد المذكور أن يهرب من بلده قبل أن يصله السيف..
فيا أيها السياسي «الفهيم» لولا المقاومة لكان سيف الإرهاب في طرابلس وبكفيا وبيروت فوق رؤوس الجميع…

mahdidakhlala@gmail.com