رأيصحيفة البعث

ماذا وراء الانزعاج الأمريكي؟

 

ليس غريباً أن يثير افتتاح الطريق الدولي دمشق – حلب، واستئناف رحلات مطار حلب انزعاج الإدارة الأمريكية، هي التي كانت تراهن على إرهابييها لمنع استكمال تحرير المدينة، وللاستمرار في استهداف المدنيين بقذائف الموت والدمار…
وفي ضوء التقدّم الكبير الذي يحرزه الجيش العربي السوري في ريفها، فإن الخوف الأمريكي، كل الخوف الآن هو من تحرير إدلب، ما يفسر اختفاء التناقضات الثانوية بين الإدارة الأمريكية وأردوغان لصالح علاقة الشراكة والتحالف بينهما في مواجهة العدو الرئيسي ممثّلاً بسورية وحلفائها، ولا سيما روسيا، مع التأكيد على أن تلك التناقضات ليست سوى الغطاء الذي يخفي حقيقة أن السلطان العثماني الجديد ليس سوى خادم للمشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة، مثله مثل المجموعات الإرهابية التي يديرها. ولهذا أيضاً تغيّرت اللهجة الأمريكية في الآونة الأخيرة، وأصبحت أكثر ليونة عند الحديث عن الإرهابيين في إدلب إلى حد نفي أن يكونوا مصدراً لأي تهديد دولي…
هكذا، وبكل وقاحة، أصبحت مشتقات “القاعدة” مقبولة أمريكياً لمجرد أنها تحارب الجيش العربي السوري، ما يؤكّد أن الإرهاب بنسختيه القاعدية والداعشية هو، باعتراف بعض المسؤولين الأمريكيين، صناعة أمريكية بامتياز وُظفت بأكثر الطرق لا أخلاقية ولا إنسانية للهيمنة على المنطقة ونهب ثرواتها…
ولا يترك السلوك الأمريكي اليوم أي مجال للشك في أن كل الضغوط السياسية التي تمارسها الولايات المتحدة هي لإنقاذ إرهابييها في إدلب، وليس خوفاً على المدنيين كما تزعم. فالموضوع الإنساني هو آخر ما يفكّر به صنّاع الإرهاب وحماته، والقضاء على الإرهابيين في إدلب يعني كما تدرك إدارة ترامب جيداً أن توجه الجيش العربي السوري بعد ذلك سيكون نحو الشمال الشرقي لاستئصال الوجود الاحتلالي الأجنبي…
واضح إذاً لماذا تسعى الإدارة الأمريكية مع حلفائها لإعاقة تحرير إدلب. لكن هذا السعي هو من قبيل الفقاعات التي تحدّث عنها السيد الرئيس بشار الأسد في كلمته الأخيرة بمناسبة انتصار حلب، فما تفعله أمريكا وبعض الدول الغربية التي تدور في فلكها هو تماماً كما يفعل أردوغان محاولات يائسة لن تستطيع إيقاف الجيش وثنيه عن تحقيق أهدافه، ولاسيما بعد أن ثبت أن الرئيس التركي رأس حربة المشروع الأمريكي مصرّ على عرقلة تنفيذ اتفاق سوتشي، فتوجب إذاً أن ينفّذه الجيش وحلفاؤه بالقوة لتحرير إدلب من قبضة الإرهاب الذي يتخذ من مدنييها رهائن ودروعاً بشرية.
محمد كنايسي