صحيفة البعثمحليات

صغار المودعين يقعون ضحية تخبّط قرارات إدارية مصرفية بلا توضيح منطقي.. “التوفير” يلغي الفوائد لأشهر قبل أن يعاود منحها مجدّداً

دمشق – ريم ربيع
بين القيل والقال.. طال الجدل بين المودعين من جهة ومصرف التوفير من جهةٍ ثانية حول نسب الفوائد على الحسابات الجديدة، ففي حين تزايدت الشكاوى والاستفسارات حول توقف المصرف عن منح فوائد لأي حساب جديد؛ بقيت إدارة مصرف التوفير طوال تلك الفترة مصرّة على تكذيب أي ادعاء بهذا السياق، في حين أنه ومنذ إصدار قرار تخفيض الفائدة إلى 7% على جميع أنواع الحسابات في تموز الماضي، تبيّن أن هذا التخفيض تُرجم على أرض الواقع بإلغاء الفائدة نهائياً، وفي كلّ مرة يتواصل الإعلام مع المصرف للتحقق من صحة المعلومات يعود بتصريحات إما عن شائعات مغرضة مصدرها وسائل التواصل الاجتماعي، وإما ما وصفته مفاصل إدارية في المصرف بثرثرة لا قيمة لها، مؤكدين أن الفوائد ثابتة ولا تغيّر حاصلاً فيها.
وحتى لا نكون ضحية فيسبوك كما يحاول المصرف تصوير الأمر، اتجهنا إلى عدة أفرع للمصرف في دمشق وطلبنا فتح حساب جديد، ولدى استفهامنا عن الفوائد أجاب الموظفون في جميع الفروع التي زرناها بأنه لا فوائد للحسابات الجديدة بأنواعها، علماً أننا قمنا بزياراتنا في فترات متفاوتة خلال الشهر المنصرم، وبناءً على إجاباتهم توجّهنا إلى مديرة المصرف وحاولنا مراراً التواصل معها إلا أنها رفضت الحديث معنا متذرّعةً بانشغالها الدائم، فتواصلنا مع مدير التخطيط في المصرف محمد مقداد الذي بدا غاضباً من كثرة الأسئلة والشكاوى حول الفوائد معتبراً إياها “حكي فيسبوك”، وأكد مقداد أنه منذ التعديل الأخير للفائدة لم يصدر أي تغيير آخر، ولدى مواجهتنا له بالإجابات التي حصلنا عليها من موظفي المصرف، طالَبَنَا مقداد بتقديم شكوى للإدارة عن الفرع الذي رفض منح الفائدة، لتتم محاسبة الموظف المخطئ، ما يضعنا أمام تساؤل جديد حول الشرخ الحاصل بين الإدارة المصمّمة على موقفها والموظفين الذين ينفذون تعليمات صادرة عنها بطبيعة الأحوال!. فما سبب هذا التخبّط والتناقض بين التصريح والتنفيذ؟ ولماذا لا يوضح المصرف بكل صراحة سبب إيقاف الفائدة على الحسابات الجديدة، علماً أن حجة تخفيض الفوائد وفقاً لبعض الآراء أن المصرف خاسر، في الوقت الذي تشكو فيه جميع المصارف العامة والخاصة من فائض السيولة غير المستثمرة!.
من جانب آخر هناك من يعتبر أن في توقف المصرف عن منح الفوائد ولاسيما للإيداعات الصغيرة المتراوحة بين 100-500 ألف ليرة، عامل ضغط على متوسطي الدخل بعد أن شكّلت قيمة الفوائد الممنوحة عامل جذب لمدّخراتهم البسيطة، التي على الرغم من انخفاض قيمتها إلا أن عدد مودعيها كبير جداً، ولاسيما في مصرف التوفير الذي يتضمن أكبر عدد من المودعين، إلا أن إلغاء الفائدة كان عاملاً ليقع بعضهم فريسة أشخاص وشركات ومؤسسات تبيّن فيما بعد أن هدفها النصب والاحتيال وجمع الأموال، وكان آخرها ما حدث من تداعيات لكشف مؤسسة شجرتي، وخسارات المودعين التي جاوزت مئات الملايين بعد إغرائهم بنسب فائدة “خيالية”.
الجدير بالذكر أنه خلال تقصّينا عن الموضوع خلال الشهر الفائت وبعد التناقض الواضح بين كلام الإدارة والتطبيق، يبدو أن الساعات الأخيرة في تحضير هذا التقرير شهدت تعميماً جديداً بإعادة الفائدة إلى القيمة المحددة بـ7%، وتواصلنا مع مصدر في المصرف فأكد لنا أن الفوائد ألغيت طوال الشهور الماضية ليعود في الآونة الأخيرة منحها كما هو مقرر، دون أن نعرف سبباً واضحاً لإلغائها أو إعادتها مجدّداً!.
وكان مصرف التوفير خفّض الفوائد إلى 7% على جميع أنواع الحسابات كالتوفير والأطفال وودائع لمدة 3 أشهر و6 أشهر وسنة وأكثر من سنة، إضافة إلى رفع عمولاته على عدة خدمات، فأصبحت عمولة فتح حساب عادي أو مشترك 1600 ليرة وعمولة فتح حساب ادّخار لمدة عام 4000 ليرة، كما صدر تصريح مؤخراً عن المصرف بمنح فوائد على الودائع بما يقارب 17 مليار ليرة خلال عام 2019، بينما تجاوز حجم الودائع في المصرف حالياً 292 مليار ليرة.